أهلاً وسهلاً و مرحباً بزوار المدونة السلفية القحطانية :: و نسأل الله أن ينفعنا و إياكم بما يُنشر في هذه المدونة من العلم النافع المستمد من الكتاب و السنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، في أسفل هذه الصورة تجدون جديد المدونة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، في أسفل هذه الصورة تجدون جديد المدونة
صفحة الإعلانات الدعوية : سنوافيكم بما يستجد - بإذن الله -

الأحد، 10 يوليو 2011

( ما هكذا تورد يا يحيى الإبل؟! ) لأخينا الفاضل عبد الله بن أحمد الخولاني - حفظه الله -




ماهكذا تورد يا يحيى الإبل؟!


يتضمن الرد على تعلق الحجوري ومن معه بقاعدة :
(من علم حجة على من لم يعلم)
و(المثبت مقدم على النافي)
و(الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم)
و(جرح البلدي مقدم على غيره)
لرد نصائح العلماء وتبديع الأبرياء .

ويليه
طامة كبرى
وفاقرة عظمى أدلى بها بعض أتباع الحجوري
وأقره عليها الحجوري

تأليف/ عبدالله بن أحمد الخولاني

هذه هي النسخة المعتمدة


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ

الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أمابعد:
فمن المعلوم أن من الأمور التي جاء الشرع بالحفاظ عليها وحرمة التعدي عليها بغير حق الأعراض فالأصل فيها الحرمة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) متفق عليه عن أبي بكرة رضي الله عنه والأدلة في الباب كثيرة وبالأخص أعراض أهل العلم المعروفين بصحة المعتقد وسلامة المنهج فالطعن فيهم والتحقير لهم بغير حق ليس كالطعن والتحقير لمن سواهم وذلك لما يحملونه من الخير والعلم والسنة.
وصدق ابن عساكر رحمه الله إذ يقول: لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب، إبتلاه الله بموت القلب.أهـ
وقد جاء الشرع باستثناء حالات يسيرة لايعد الطعن فيها من الغيبة المحرمة وما ذاك إلا للمصلحة الراجحة في ذلك ومن هذه الحالات جرح من يستحق الجرح من الرواة وأهل الأهواء وهو الموسوم عند أهل العلم بعلم (الجرح والتعديل) ولأهمية هذا العلم العظيم النفع البالغ الأهمية اشترط أهل العلم للقائم به أموراً منها أن يكون عدلاً فإن من المحال أن يجرح العدل بكلام المجروح. قاله ابن حبان كما في(هدي الساري) ومنها أن يكون عارفاً بأسباب الجرح والتعديل والتفسيق والتبديع حتى لا يعدل من يستحق الجرح أو يجرح ويبدع من لا يستحق الجرح والتبديع.
ومنها : أن يكون ورعاً يمنعه ورعه من الهوى والمجازفة في الأحكام وتحقير العلماء الناصحين وما ذاك إلا لخطورة التعدي على عرض المسلم بغير حق فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال) رواه أبو داود عن ابن عمر وهو في الصحيح المسند لشيخنا مقبل رحمه الله.
قال الإمام الذهبي رحمه الله: (والكلام في الرواة يحتاج إلى ورع تام وبراءة من الهوى والميل وخبرة كاملة بالحديث وعلله ورجاله) (الموقظة ص62).
وقال رحمه الله ( والكلام في الرجال لا يجوز إلا لتام المعرفة تام الورع )(الميزان 3/46).
وقال العلائي رحمه الله ناصحاً لمن يطعن في الأعراض لدسيسة في نفسه وأغراض شخصية متظاهراً بالنصح والغيرة على الدين والسنة قال رحمه الله: (السادس: جرح المجروحين من الرواة والشهود وذلك جائز بل واجب في غالب الصور للحاجة قال: وهذا كله إذا صفت النيات وخلصت الطويات من شوب حسد أو عداوة دنيوية أو منافسة أو ما أشبه ذلك فليتفقد القائل قلبه، وليتق الله ربه فإنه قد يكون شيء من الأسباب الدنيوية كامناً ويلبس عليه الشيطان أن كلامه هذا إنما هو لله ولنصيحة المسلمين وليس الأمر كذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى) والله أعلم (نظم الفرائد) ص428-429).
وبما أن كثيراً من مسائل الجرح والتعديل مبنية على الاجتهاد وغلبة الظن مما قد يؤدي إلى تعارض أقوال المجرحين والمعدلين في بعض الرجال جعل أهل العلم لهذا الفن العظيم ضوابط وقواعد يندفع بها الإشكال ويتحصحص الحق ويزول اللبس.
فمن هذه القواعد ما قرره الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله بقوله:( كل رجل ثبتت عدالته لم يقبل فيه تجريح أحد حتى يتبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه.) (تهذيب التهذيب 7/273)
وقال الإمام الطبري رحمه الله:( من ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح وما تسقط العدالة بالظن.) (هدي الساري ص428).
وقال الإمام أبو عمر ابن عبدالبر رحمه الله: (والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته، وثبتت في العلم إمامته، وبانت ثقته، وبالعلم عنايته، لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته بينة عادلة يصح بها جرحته على طريق الشهادات، والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب تصديقه فيما قاله، لبراءته من الغل والحسد والعداوة والمنافسة وسلامته من ذلك كله.)(جامع بيان العلم وفضله(2/1093).
ومن القواعد التي أدلى بها علماء الحديث عند تعارض أقوال الأئمة في شخص من الأشخاص أن (المثبت مقدم على النافي) وأن (الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم) وأن (من علم حجة على من لم يعلم) ومرد هذه القواعد عند التأمل إلى شيء واحد.
إلا أنه ينبغي أن يعلم أن لهذه القواعد شروطاً وقيوداً وضوابطاً لابد من مراعاتها عند تطبيق هذه القواعد وتنزيلها على شخص من الأشخاص فليس كل من جرح غيره بجرح مفسرٍ أو ادعى أنه أثبت عليه شيئاً قُبل جرحه له ولو كان الجارح أو الذي ادعى الإثبات عدلاً عارفاً بأسباب الجرح والتعديل وإلا لزم ترك كثير من أئمة السنة وحملة الدين الذين لم يسلموا من جرح مفسر من قِبَل عدول آخرين
ما سلم الله من بريته ولانبي الهدى فكيف أنا؟!
قال الإمام الطبري رحمه الله:( لو كان كل من ادعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعي به، وسقطت عدالته، وبطلت شهادته بذلك، للزم ترك أكثر محدثي الأمصار لأنه ما منهم أحد إلا وقد نسبه قومٌ إلى مايُرغب به عنه).(هدي الساري ص428).
وقال السبكي رحمه الله: (ولوأطلقنا تقديم الجرح لما سلم لنا أحد من الأئمة إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون وهلك فيه هالكون).(طبقات الشافعية 1/90) .
وقال الإمام الصنعاني رحمه الله:( وأما الجامد في ذهنه الأبله في نظره فإنه يقول: قد تعارض هنا الجرح والتعديل فيقدم الجرح، لأن الجارح أولى وإن كثر المعدل، وهذه القاعدة لو أخذت كلية على عمومها وإطلاقها لم يبق لنا عدل إلا الرسل فإنه ما سلم فاضل من طاعن، لا من الخلفاء الراشدين ولا من أحد من أئمة الدين.)أهـ بواسطة (ماذا ينقمون على الشيخ الحجوري) الجزء الثاني لأخينا الفاضل عبدالله بن ربيع السلفي.
وقال الإمام الألباني رحمه الله: والهدام - يعني حسين بن عبدالمنان - على منهجه المنحرف عن الجماعة يأخذ أسوأ ما قيل في الراوي مقدماً الجرح على التعديل مطلقاً وهذا مذهب باطل لا يقول به إلا جاهل أو مغرض (النصيحة ص193) بواسطة (مصطلح الحديث للألباني ص295).
ذكرت هذا تمهيداً للشروع في المقصود، فإن مما لا يخفى على كثير من الناس الفتنة الحاصلة في اليمن بين الشيخين الحجوري والعدني وإن شئت قلت بين الحجوري وسائر علماء أهل السنة في اليمن، والتي بذل مشايخ أهل السنة وسعهم واستفرغوا جهدهم لحسم مادة هذه الفتنة وإيقافها عند حدها قبل تطاير شررها واستفحالها وعقدوا لذلك الاجتماعات المباركة النافعة التي نفع الله بها غاية النفع ولمَّ الله بها الشمل وكان من أول ثمرة تلكم الاجتماعات المباركة بيان معبر بتاريخ (12/4/1428هـ) والذي كاد أن يقضي على الفتنة بإذن الله من أساسها ويجعلها حصيداً كأن لم تغن بالأمس لولا شيء قدره الله وهو أن الشيخ الحجوري بعد أن وافق على ذلك البيان بقي عنده شرط في غاية الأهمية للحكم للشيخ عبدالرحمن العدني بالسلفية المحضة والبراءة التامة من الحزبية واعتباره شيخاً من كبار حملة لواء الدعوة السلفية، ألا وهو الاعتذار لشخص الحجوري الكريم!!!
فبكلمة (عفواً) و(أعتذر للناصح الأمين) تنتهي الفتنة وينقلب الشيخ عبدالرحمن العدني من دجال وضال ومنحرف وساقط وعميل ومفتون وزائغ ومميع وفاجر ورأس من رؤوس الحزبية إلى سني سلفي ثبت من كبار مشايخ الدعوة السلفية!!!
كلام يكاد الرجل أن يضحك منه من ركبته. وبإصرار الحجوري على مطالبة العدني بالاعتذار عادت الفتنة من جديد واشتدت كل يوم شيئاً فشيئاً والمشايخ حفظهم الله في ذلك كله صابرون ويحاولون في الصلح والإصلاح ولمِّ الشمل وردم الخلاف ورأب الصدع ما أمكن وبذلوا في ذلك جهوداً جبارة لا يعلمها إلا الله ولكن مع ذلك (وما تشاؤن إلا أن يشاء الله) (لله الأمر من قبل ومن بعد). ثم حصل بعد ذلك اجتماع آخر في الحديدة بتاريخ 5/1/1429هـ عند الوالد العلامة محمد بن عبدالوهاب الوصابي حفظه الله، وأخرج المشايخ حفظهم الله وأعز قدرهم بياناً عظيماً حاسماً للفتنة قاطعاً لدابرها إن شاء الله لولا شيء أراده الله وهو أن الشيخ الحجوري رفض ذلكم البيان بشدة ولاقاه بالرد والإنكار بعد أن وافق على مضمونه عند العلامة ربيع المدخلي حفظه الله كما شهد بذلك أربعة من المشايخ الثقات العدول ولكن:
لهوى النفوس سريرة لا تعلم
كم حار فيها عالم متكلم

وبسبب رفض الحجوري لذلك البيان احتدم الخلاف وتفرق الصف وشمت بالدعوة السلفية كثير من أعدائها وشغل كثير من الناس عما هم فيه من الخير والاقبال على طلب العلم ودخلت بينهم الشحناء والبغضاء، كل هذا بسبب مخالفة نصائح العلماء واجتماعاتهم المباركة المسددة ومقاضاة الأغراض الشخصية على حساب الدعوة السلفية ولكن (إن ربك لبالمرصاد) (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون).
وبحمد الله فأكثر السلفيين في اليمن وخاصة في المناطق التي للدعوة السلفية فيها الظهور والقوة كيافع وعدن ومعبر ولحج وأبين والضالع وشبوة والحديدة وذمار في هذه الفتنة مع علمائهم الذين أمرهم الله بالرجوع إليهم عند النوازل.
وماهي إلا أشهر يسيرة وإذا بنصيحة الوالد العلامة حامل لواء الجرح والتعديل ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله لأبنائه مشايخ السنة وطلبة العلم السلفيين في اليمن تصل من مكة والتي لا يخرج مضمونها عن بيانات علماء أهل السنة في اليمن السابقة التي رفضها الشيخ الحجوري، وبحمد الله فقد كشف الله بهذه النصيحة عوار هذه الفتنة التي مكثت نحو ثلاث سنوات وحالها كما قيل (أسمع جعجعة ولا أرى طحناً) وأبان الشيخ حفظه الله أنه ليس هناك مبتدع ولا بدعة وأن غاية ما في الأمر أمور شخصية أشعلها بعض المدسوسين كشف الله سترهم(1)
فتعرت الفتنة وظهر الحق ورجع الكثير والكثير ممن كان متوقفاً أو طاعناً في الشيخ العدني إلى السير على ضوء هذه النصيحة المباركة وذلك لما جعل الله لهذا العالم الجليل من المكانة العظيمة في قلوب السلفيين وخاصة في مثل هذه النوازل التي هو بيطارها كما شهد له بذلك كبار علماء الأمة كالألباني وابن باز والعثيمين والوادعي رحمهم الله.
وشرح هذه النصيحة المباركة العلامة الوصابي في شريط خاص وقرر أن الفتنة هذه أغراض شخصية وإن حاول البعض إلصاق شيء منها بجانب العقيدة.
وقرئت في مركز شيخنا الجليل محمد الإمام حفظه الله وأشاد بها وأثنى عليها وقال: هذا الذي ينبغي أن نسير عليه.
وصار السلفيون في اليمن على ضوء هذه النصيحة المباركة بحمدالله إلاالشاذ القليل النادر من أصحاب مبدأ (عنز ولو طارت).
ولما شعر الشيخ يحيى - وفقه الله للرجوع إلى الحق والصواب - بانجفال الناس بل وباهتزاز كثير من محبيه ومناصريه عن رأيه في هذه الفتنة لما أن شعر بذلك وشعر بالفشل والإخفاق ما كان منه إلا أن رد هذه النصيحة المباركة كسالفاتها من نصائح العلماء بشبهة واهية وهي تعلقه بقاعدة (أن من علم حجة على من لم يعلم) وأن (الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم) وأن (المثبت مقدم على النافي) كل هذا ذراَ للرماد في عيون الغافلين وتثبيتاً لمن اهتز لهذه النصيحة العظيمة ممن كان قد انطلى عليه التلبيس من قبل.
ودفاعاً مني عن المنهج السلفي وعن بيانات علماء أهل السنة في اليمن وعن نصيحة الشيخ ربيع حفظه الله مما ألصقه الشيخ الحجوري ومن معه بها من هذه الشبه الكاسدة التي ربما انطلت على بعض الجهال كتبت هذا المبحث أسأل الله أن يرفع به الحق ويدحض به الباطل وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
وقد تولى الرد على هذه الشبهة علامة اليمن أبو إبراهيم محمد بن عبدالوهاب الوصابي حفظه الله بقوله: لما تقول نحن أعلم شابهت المبتدعة، فإذا نُصحوا قالوا بأن فلاناً ما يفهم أو مايعرف ، أو ردوا نصيحة العلماء بأي أسلوب ، ياأخي في هذا الوقت من كان في دماج أو في عدن أو في مكة أو في البيضاء أو في بعدان أصبح المجتمع الآن كقرية واحدة، أمور الأخبار طارت شرقاً وغرباً وهواتف حتى عند بايعي البصل، المسألة ما صارت صعبة، هذا له أصحاب وهذا له أصحاب وهذا يأتيه بالأخبار. وهذا يأتيه بالأخبار فهذه الشبهة ما تنطلي على العلماء أن تقول نحن أعلم، كيف العلماء ما يفهمون؟ يعني الأخبار تصل إلى حد التواتر، لا تأتيهم من شخص ولا من اثنين ولا من ثلاثة ولا من أربعة ولا من خمسة ولا من ستة ولكن إلى حد التواتر، فصار كأنه في موضع الفتنة معايش لها، فما أصبحت غريبة عليه لا من قريب ولا من بعيد، بس هو كيف ترد النصائح يقال نحن أخبر هذه ماهي حجة. انتهى كلامه حفظه الله.
وصدق حفظه الله أن رد نصائح العلماء من علامات أهل الأهواء إذ لوقبل أهل الأهواء نصائح العلماء المعروفين بالسنة والعلم لما وقعوا فيما وقعوا فيه من البدع.
وصدق حفظه الله وزاده شرفاً وعزاً أن هذه الشبهة ما تنطلي على أهل العلم بل مازالوا بعد هذه الشبهة على ماهم عليه من تبرئة الشيخ عبدالرحمن العدني من الحزبية لعلمهم ببوار وفساد هذه الشبهة الكاسدة التي لا تنطلي إلا على الجهلة الأغمار أمثال سعيد بن دعاس الذين لم يتقنوا قواعد هذا العلم ولم يوفقوا لفهم كلام أهل العلم حيث جمع مذكرة صغيرة يرد بها على هذا النحرير الدقيق العلامة أبي إبراهيم حفظه الله وقد ترددت في الرد عليها لهزالتها ولأن هذا البحث الماتع دون التعرض لها كاف في إسقاطها والإتيان على بنيانها الواهي من القواعد لكني سأتطرق لأهم ما فيها إن شاء الله لأن الذي أقرها وأذن بنشرها هو الشيخ يحيى هداه الله.
قال سعيد بن دعاس ص3:( وملخص ما قرره - يعني الشيخ محمداً - أن دعوى زيادة العلم في هذه الأيام وتقديم من علم على من لم يعلم ليس بحجة).
قلت: كذبت لعمر الله فدعواك أعم من محل النزاع إنما سياق كلام الشيخ محمد في رد الشبهة الواهية التي تعلق بها الشيخ يحيى لرد نصائح العلماء وهي: أن قوله هو الصائب في هذه الفتنة بحجة أنه علم ما لم يعلم غيره، وسياق كلام الشيخ محمد وسابقه ولاحقه يدل على هذا وأنت تعلم ذلك جيداً ولكنه الهوى يعمي ويصم.
وكلام الشيخ محمد حفظه الله هو الحق في هذه المسألة وهو أنه ليس للشيخ يحيى في هذه الفتنة من العلم ما يدفع قول من نفى من العلماء الحزبية عن الشيخ عبدالرحمن العدني كما سيأتي صريح قول الشيخ يحيى في ذلك ورد هذه الشبهة بعد قليل إن شاء الله.
قال سعيد بن دعاس: الثاني أن مقتضى ما قرره الشيخ محمد هداه الله ألا نقدم المثبت على النافي ودعوى من عنده زيادة علم على غيره. أهـ
قلت: كذبت لعمر الله فليس في كلام الشيخ محمد ولاحرف واحد يدل على أنا لا نقدم المثبت على النافي ودعوى من عنده زيادة علم على غيره، إنما غاية ما فيه أنه لا يستقيم للشيخ يحيى في هذه القضية بعينها رد نصائح العلماء وعدم المبالاة بها بحجة أن عنده زيادة علم فهذه شبهة كاسدة لا تنطلي على أهل العلم، إنما تنطلي على من تزبب قبل أن يتحصرم من أمثال سعيد بن دعاس، وسيأتي تفنيد تشبث الشيخ الحجوري ومن معه على رد نصائح العلماء بحجة أن المثبت مقدم على النافي بعد قليل إن شاء الله.
ثم استرسل سعيد بن دعاس في كلام هش مضمونه أن جرح الشيخ يحيى مفسر وأنه علم مالم يعلم غيره وأن عنده زيادة علم في هذه القضية تجعل قوله هو الصائب فيها.
وإلى تفنيد تشبث الشيخ الحجوري ومن معه بهذه القواعد لرد نصائح العلماء.
أقول مستعيناً بالله مشاركة مني للعلامة محمد بن عبدالوهاب الوصابي حفظه الله وزيادة في الايضاح :
أولاً: أما قاعدة (المثبت مقدم على النافي) و(من علم حجة على من لم يعلم) فهذه القاعدة معمول بها إذا لم يستند النافي في نفيه إلى حجة وإلى علم إنما كان نفيه بناءً على الأصل دون العلم بحجة المثبت، أما إذا استند في نفيه إلى الحجة وإلى العلم كأن يقول علمت الشيء الذي قاله فلان بن فلان عن فلان بن فلان فوجدته غير ثابت عنه أو غير واقع فيه فهنا يقدم النافي على المثبت بالاتفاق، فقد ذكر الإمام النووي رحمه الله في المجموع (5/214)حديث جابر في البخاري في نفيه لصلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على شهداء أحد ثم عقبه بحديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى عليهم ثم قال: ( فإن قيل ما ذكرتموه من حديث جابر لا يحتج به لأنه نفي وشهادة النفي مردودة مع ما عارضها من رواية الإثبات فأجاب أصحابنا: بأن شهادة النفي إنما ترد إذا لم يحط بها علم الشاهد ولم تكن محصورة، أما ما أحاط به علمه وكان محصوراً فيقبل بالاتفاق وهذه قصة معينة أحاط بها جابر وغيره علماً. )أهـ
فأنت ترى أن النووي نقل الاتفاق على تقديم النافي في هذه الحالة، ولما استدل العيني في رده على مغلطاي بأن مغلطاي نافي وغيره مثبت والمثبت مقدم على النافي رد عليه الحافظ ابن حجر في (انتقاض الاعتراض 2/677) بقوله:( أما وجهه الأول فليس على إطلاقه بل إذا كان النفي في شيء محصور قدم على الإثبات.)
قلت وقد سبق نقل النووي الاتفاق على تقديم النفي على الإثبات في هذه الصورة وانظر (سير النبلاء 4/5) و(فتح المغيث 1/16-17) و( الدرر في مسائل المصطلح والأثر ص 163) فقد ذكر الألباني قاعدة ( المثبت مقدم على النافي ) و (من علم حجة على من لم يعلم) ليست مطردة قال :لأنه ما من عام إلا وقد خصص .أ.هـ
وعلماء أهل السنة الذين نفوا حزبية الشيخ عبدالرحمن العدني حفظه الله وعلى رأسهم العلامة ربيع بن هادي حفظ الله الجميع إنما استندوا في نفيهم لحزبية الشيخ العدني إلى العلم بأن أدلة الحجوري ومن معه لا تقوى على الحكم بحزبية الشيخ عبدالرحمن وأن غاية ما في الأمر أمور شخصية وحظوظ نفس أشعلها بعض المدسوسين، فقول النافين لحزبية العدني مقدم على من أثبتها بالإتفاق كما نص عليه الإمام النووي رحمه الله فمن خالفهم فقد خرق الإتفاق وقد كفانا مؤنة دحض هذه الشبهة الواهية الشيخ الحجوري وفقه الله بقوله أمام الآلاف من الطلاب لما رجع من الحج وأخبرهم أنه جلس مع مجموعة من مشايخ أهل السنة في اليمن وأنه حدثهم عن هذه الفتنة الحاصلة ثم قال بعد ذلك عن المشايخ : إنهم فاهمون ذلك كما في شريط( إقامة الدين) .
وقوله أيضاً في أحد دروسه: ليس هناك شيء خافٍ على المشايخ كل ماعندي فهو عند المشايخ!!) فكيف يصح بعد هذا كله أن يزعم أن عنده في هذه الفتنة علم خفي على المشايخ كما صنع ذلك إثر نصيحة العلامة ربيع حفظه الله؟!
أترك الحكم للقارئ اللبيب!
ثم بعد ذلك يزعم بعض أتباع الحجوري أن الشيخ ربيعاً لم يصب حيث قال أن هذه الفتنة أمور شخصية!! فماذا يقول بعد هذه القرائن القوية؟!
أما تشبث الشيخ يحيى - وفقه الله للرجوع إلى جادة الحق والصواب - ومن معه لمجابهة العلماء ورد نصائحهم بقاعدة (أن الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم) وأن جرحهم للشيخ العدني جرح مفسر فلا يتم لهم ذلك فالجرح لا يقدم على التعديل مطلقاً كما سبق معنا من كلام الطبري والسبكي والصنعاني بل هناك حالات يقدم فيها التعديل على الجرح المفسر ومن هذه الحالات:
الأولى: إذا اطلع المعدل على كلام الجارح ونفاه بالحجة والبرهان كأن يقول المعدل عرفت السبب الذي طعن به فلان على فلان فوجدته غير ثابت عنه أو غير قادح فيه، أو وجدته ثابتاً فيه لكنه قد تاب منه وحسنت توبته ونحو ذلك.
قال السيوطي رحمه الله:( وإذا اجتمع في الراوي جرح مفسر وتعديل فالجرح مقدم ولو زاد عدد المعدل، وقيد الفقهاء ذلك بما إذا لم يقل المعدل عرفت السبب الذي ذكره الجارح لكنه تاب وحسنت حاله فإنه حينئذٍ يقدم المعدل، ثم نقل عن ابن دقيق العيد أنه استثنى أيضاً ما إذا عين الجارح سبباً فنفاه المعدل بطريق معتبر.)
قلت وقد ذكر هذا الاستثناء أيضاً البلقيني في (محاسن الاصطلاح ص(244) والسخاوي في (فتح المغيث 1/307) والطوفي في (شرح مختصر الروضة 2/166) والزركشي في (البحر المحيط 4/297) والشوكاني في (إرشاد الفحول 1/334) وكلام هؤلاء المحققين يتنزل تماماً على تعديل مشايخ السنة حفظهم الله للشيخ عبدالرحمن العدني، ونفيهم عنه الحزبية لأن تعديلهم له ونفيهم عنه الحزبية متمخض عن دراسة بتأنٍ وعدلٍ وإنصاف نحو ثلاث سنوات لرمي الشيخ الحجوري - وفقه الله - للشيخ العدني بالحزبية وكانت ثمرة هذه الدراسة الطويلة (أن رمي الشيخ الحجوري للشيخ العدني بالحزبية ليس له أساس من الصحة وإنما القضية حظوظ نفس ومقاضاة أغراض شخصية على حساب الدعوة السلفية) فلتفهموا ذلك ولا تردوا نصائح العلماء الذين أرشدنا الله بالرجوع إليهم عند النوازل والمعضلات.
الثانية: إذا اطلع المعدل على كلام الجارح وعلم أن جرح الجارح ليس ثابتاً في المجروح إنما كان دافعه ما يجري بين الأقران من التنافس والحسد، ففي هذه الحالة لا يقبل كلام الجارح فيمن ثبتت عدالته وعرف صدقه وسلفيته ولو فسَّر جرحه وأتى بألف تفسير وإيضاح.
قال الإمام ابن ناصر الدين الدمشقي - رحمه الله - في شروط الجارح والمعدل: ( وأن يكون من أهل الورع والتقوى، مجانباً للعصبية والهوى، خالياً من التساهل، عارياً عن غرض النفس بالتحامل مع العدالة في نفسه والإتقان، والمعرفة بالأسباب التي يجرح بمثلها الإنسان وإلا لم يقبل قوله فيمن تكلم، وكان ممن اغتاب وفاه بمحرم. ) أهـ (الرد الوافر ص14).
وقال السبكي رحمه الله في إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين :( ولايقبل قوله في الشافعي ولوفسَّر وأتى بألف إيضاح لقيام القاطع أنه غير محق بالنسبة إليه. ) أهـ (توضيح الأفكار2/158) وقال رحمه الله : (والحذر كل الحذر أن تفهم قاعدتهم (الجرح مقدم على التعديل) على إطلاقها ، بل الصواب أن من ثبتت عدالته وكثر مادحوه وندر جارحوه وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره لم يلتفت إلى جرحه.) أهـ (طبقات الشافعية (1/188) ترجمة أحمد بن صالح المصري.)
وقال الإمام الصنعاني رحمه الله:( لايقبل الجرح من المتعادين مجملاً ولامفسراً لمانع العداوة).(توضيح الأفكار2/146).
وقال الإمام الوادعي -رحمه الله - في صدد ذكر الجرح المردود: (وهكذا أيضاً إذا كان جرح الأقران فينظر إلى السبب فإذا كان السبب منافسة أو أمر دنيوي هذا يتوقف فيه، وهذا يحصل مثل مابين أبي نعيم وابن منده وابن حبان وبعض معاصريه. )(إجابة السائل ص497)
قلت: فلهذا لم يلتفت العلماء إلى جرح النسائي العدل الورع لأحمد بن صالح المصري وإن كان جرحاً مفسراً لأن جرحه من الكلام الذي لايلتفت إليه مما يجري بين الأقران .
قال الحافظ العقيلي: (كل شيئ قدر عليه النسائي أن جمع أحاديث قد غلط فيها ابن صالح فشنع بها ولم يضر ذلك ابن صالح شيئاً وهو إمام ثقة .)(هدي الساري) وانظر السير (11/83)فلماذا لم يقبل العلماء جرح النسائي لأحمد بن صالح مع أنه جرحه بجرح مفسر؟!
أجيبوني أيها البغاة على نصائح العلماء؟!
وهكذا لم يقبل العلماء جرح الإمام الذهلي، وترك أبي حاتم وأبي زرعة للإمام البخاري حيث نقل ابن أبي حاتم في ترجمة الإمام البخاري من (الجرح والتعديل7/191) ترك أبيه وأبي زرعة الرواية عن الإمام البخاري قال الإمام الذهبي معقباً على هذا الكلام بقوله في البخاري( حجة إمام ولاعبرة بترك أبي زرعة وأبي حاتم له من أجل اللفظ لأنه مجتهد في المسأله بل ومصيب.)(المغني في الضعفاء2/165)
وصرح الذهبي في (السير 12/453) أن الحامل للذهلي على كلامه في البخاري الحسد.
وكذا صرح به السبكي في (طبقات الشافعية 2/230).
فلماذا لم يقبل العلماء جرح الذهلي لتلميذه البخاري ويقولون هو شيخه وبلديه ورباه على يديه فهو أعرف به من غيره؟! أجيبوني يا من تسفهون اقوال العلماء .
وهكذا لم يقبل العلماء تكذيب الإمام عمرو بن علي الفلاس للإمام محمد بن بشار بندار مع أنه بلديه وقد جرحه بجرح مفسر، قال الإمام الذهبي في ترجمة بندار من (الميزان 3/490):( ثقة صدوق كذبه الفلاس فما أصغى أحد إلى تكذيبه لتيقنهم أن بندار صادق أمين.)
فلماذا لم يقبل العلماء جرح الفلاس لبندار ويقولون هو بلديه وأعلم به من غيره وهو أرفع من أن يتكلم بهوى وقد جرحه بجرح مفسر؟! أجيبوني أيها الخوارج على نصائح العلماء!!
وهكذا لم يقبل العلماء قول الإمام مالك في ابن إسحاق: دجال من الدجاجلة، بل ردوه واحتملوا لمالك المعاذير واحتجوا بحديث ابن إسحاق إذا صرح بالتحديث ولم يأت بما ينكر عليه.
فلماذا لم يقبل العلماء جرح الإمام مالك في ابن إسحاق مع أن مالكاً بلديه والبلدي أعرف بصاحبه من غيره، وقد جرحه بجرح مفسر؟ أجيبوني أيها الشواذ يامن تسفهون نصائح العلماء بجهلكم بقواعد علم الحديث وتستبدلونها بآراء أم صالح وكلام الأطفال.
نعم أن الأصل أن جرح البلدي مقدم على غيره إلا إذا علم أنه مما يجري بين الأقران فلا يلتفت إليه كما في هذا المثال والذي قبله.
وهكذا لم يقبل العلماء تكذيب الإمام إبي بكر بن أبي داود السجستاني للإمام ابن صاعد مع أن التكذيب جرح مفسر، فقد نقل الذهبي تضعيف ابن صاعد لابن أبي داود ثم قال: لا ينبغي سماع قول ابن صاعد فيه كما لا يقدح تكذيبه لابن صاعد وكذا لا يسمع كلام ابن جرير فيه فإن هؤلاء بينهم عداوة بينة، فقف في كلام الأقران بعضهم في بعض (تذكرة الحفاظ 2/772).
فلماذا لم يلتفت العلماء إلى تكذيب ابن أبي داود لابن صاعد مع أن ابن أبي داود جرحه بجرح شديد مفسر؟!
أجيبوني يامن تتشبثون بالطحلب وخيوط العنكبوت لرد نصائح العلماء .
والأمثلة من كلام الاقران في بعضهم بعضاً المردود كثيرة والأصل في كلام الأقران القبول لأن القرين أعرف بقرينه كما نص على ذلك شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله، إلا إن عُلم أن الباعث له منافسة دينية أو دنيوية فيكون مردوداً على قائله كائناً من كان كما مرَّ معك ذكر شيء من ذلك من هذه الأمثلة:
قال الإمام البخاري رحمه الله:( ولم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم نحو ما يذكر عن إبراهيم من كلامه في الشعبي وكلام الشعبي في عكرمةوفيمن كان قبلهم، وتناول بعضهم في العرض والنفس ولم يلتفت أهل العلم في هذا النحو إلا ببيان وحجة ولم تسقط عدالتهم إلا ببرهان ثابت وحجة والكلام في هذا كثير.)(جزء القراءة خلف الإمام ص14).
وقال الإمام الذهبي رحمه الله عقب هذا الكلام:( لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينهم وبينه شحناء وإحنة، وقد عُلم أن كثيراً من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر لا عبرة به ولاسيما إذا وثق الرجل جماعة يلوح على قولهم الانصاف.)(السير 7/40-41).
وتأمل قوله: ولاسيما إذا وثق الرجل جماعة يلوح على قولهم الأنصاف، وطبقه واقعياً على تعديل العلماء للشيخ عبدالرحمن العدني ونفيهم عنه الحزبية.
وقال الذهبي أيضاً:( كلام النظراء والأقران ينبغي أن يُتأنى ويُنظر فيه.) (ميزان الاعتدال 2/202) ومثله (5/102).
وقال رحمه الله: ( وبكل حال كلام الأقران بعضهم في بعض يحتمل، وطيه أولى من بثِّه، إلا أن يتفق المعاصرون على جرح شيخ فيعتمد قولهم.) (السير 11/432).
وتأمل قوله: إلا أن يتفق المعاصرون على جرح شيخ فيعتمد قولهم، ونزله واقعياً عل الفتنة الحاصلة.
وقال رحمه الله: ( قلت كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأبه لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد، وما ينجو منه إلا من عصمه الله، وما علمت أن عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين ولو شئت لسردت من ذلك كراريس.) (ميزان الاعتدال 1/52) وانظر سير النبلاء(10/92 و 5/276 و12/61. )
وقال السبكي رحمه الله:( وقد عرَّفناك أن الجارح لا يقبل منه الجرح وإن فسره في حق من غلبت طاعاته على معاصيه ومادحوه على ذاميه ومزكوه على جارحيه، إذا كانت هناك منافسة دنيوية كما يكون بين النظراء وغير ذلك، فحينئذٍ فلا يلتفت في كلام ابن أبي ذئب وغيره في مالك، وابن معين في الشافعي، والنسائي في احمد بن صالح ونحوه، ولو أطلقنا تقديم الجرح لما سلم لنا أحد من الأئمة، إذ مامن إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون وهلك فيه هالكون.) (طبقات الشافعية 1/90).
وكلام هؤلاء الحفاظ يتنزل على هذه الفتنة تماماً، فقد نص إمام الجرح والتعديل وأعرف الناس بدخن الفرق والحزبيين في هذا العصر ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله أن هذه الفتنة أغراض شخصية، وتابعه على ذلك علامة اليمن الوصابي والشيخ الجليل محمد الإمام حيث أشاد بها وحث على السير عليها.
إضافة لذلك فقد وثق العدني وعدله جماعة يلوح على قولهم الانصاف وكثر مادحوه على ذاميه ومزكوه على جارحيه فلم يبق لمن سواهم سوى الجهل أو الهوى والمكابرة والتلبيس.
الثالثة: من الحالات التي يقدم فيها قول المعدل على قول الجارح بجرح مفسر إذا اطلع المعدل على كلام الجارح وأبان بالحجة والبرهان أن جرح الجارح وإن كان مفسراً وصاحبه متجرد من العصبية والهوى إلا أنه غير كافٍ لاسقاط وإهدار مكانه المجروح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:(قد يعتقد أحد المجتهدين ضعف رجل ويعتقد الآخر ثقته أو قوته وقد يكون الصواب مع المضعف لاطلاعه على سبب خفي على الموثق، وقد يكون الصواب مع الآخر لعلمه بأن ذلك السبب غير قادح في روايته وعدالته، إما لأن جنسه غير قادح، وإما لأن له عذراً أو تأويلاً يمنع الجرح.)(الصواعق المرسلة 2/556).
وقال الإمام الألباني رحمه الله: الجرح مقدم على التعديل وليس هذا على إطلاقه أيضاً، وإنما مع بيان العلة وليس هذا أيضاً على إطلاقه لأنه قد يبين العلة ولا تكون علة قادحة، فنقول: مع بيان العلة القادحة.(فتاوى الألباني في المدينة والإمارات ص205-206) جمع عمرو بن عبدالمنعم سليم.
وذلك كما اطلع المحدثون على جرح الإمام شعبة بن الحجاج رحمه الله للمنهال بن عمرو بقوله: أتيت منزل المنهال بن عمرو فسمعت منه صوت الطنبور فرجعت.
أخرجه الفسوي في (المعرفة والتاريخ 2/779) والخطيب في (الكفاية) تحت باب ذكر بعض من استُفْسِر في الجرح فلم يذكر ما يسقط العدالة.
قال ابن القيم بعد أن حكى هذه القصة: فهذا سبب جرحه ومعلوم أن شيئاً من هذا لا يقدح في روايته، لأن غايته أن يكون عالماً به مختاراً له ولعله متأول فيه فكيف؟ وقد يمكن أن لا يكون ذلك بحضوره ولا إذنه ولا علمه؟! وبالجملة فلا يرد حديث الثقات بهذا وأمثاله. (تهذيب السنن 13/91).
ومثله اطلاع ابن حبان على جرح أمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج رحمه الله لأبي الزبير المكي بقوله لما سئل مالك تركت حديث أبي الزبير؟!قال: رأيته يزن ويسترجح في الميزان. (رواه العقيلي في الضعفاء 4/130).
بل قال ابن حبان في (الثقات 5/352): ( كان من الحفاظ ولم ينصف من قدح فيه لأن من استرجح في الوزن لنفسه لم يستحق الترك من أجله. ) اهـ .
فلماذا لم يقبل العلماء جرح شعبة المفسَّر للمنهال بن عمرو وأبي الزبير المكي؟! مع أن شعبة كما قال الإمام أحمد: ( أمة وحده في هذا الشأن؟! ) أوجه السؤال إلى الآخذين بهذه القاعدة على إطلاقها الملبسين بها على الناس دون مراعاة للقيود والضوابط.
وهكذا أيضاً لما اطلع الذهبي على جرح العقيلي للإمام ابن المديني وإدخاله له في كتاب (الضعفاء) بسبب فتنة خلق القرآن، رد ذلك عليه في (ميزان الاعتدال 3/140) بكلام نفيس يطول نقله هنا.
ومثل هذا قول الإمام الذهبي: وقد استنكر أيوب بن أبي شيبة ليحيى (بن معين) ذلك الحديث عن حفص بن غياث، وإنما ذكرته ليُعلم أنه ليس كل كلام وقع في حافظ بمؤثر فيه بوجه، ويحيى قد قفز القنطرة بل قفز من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي رحمه الله. (ميزان الاعتدال 4/410)
ومثله قول الذهبي أيضاً في ترجمة هشام بن عروة: ( أحد الأعلام حجة إمام لكنه في الكبر تناقص حفظه ولم يختلط أبداً، ولاعبرة بما قاله أبو الحسن ابن القطان من أنه وسهيل ابن أبي صالح اختلطا وتغيرا، نعم الرجل تغير قليلاً ولم يبق حفظه كهو في حال الشبيبة فنسي بعض محفوظه أو وهم فكان ماذا؟! أهو معصوم من النسيان. ) (ميزان الاعتدال 4/410).
وهكذا في هذه الفتنة على فرض أن الشيخ يحيى وفقه الله لم يتكلم فيها بهوى ولا مقاضاة أغراض شخصية فليس ذلك مبرراً لقبول كلامه في تحزيب الشيخ عبدالرحمن العدني وفقه الله كما يدندن بذلك بعض الجهلة ممن لم يفهم قواعد علم الحديث كما ينبغي، فقد يجرح العالم السني المتجرد من العصبية والهوى عالماً آخر بجرح مفسر لكن العلماء لا يلتفتون إلى جرحه لكون ذلك الجرح وإن كان مفسراً ليس كافياً في إسقاط المجروح وإهدار مكانته، كما صنع أئمة الحديث مع جرحه شعبة للمنهال بن عمرو وجرح ابن القطان لهشام بن عروة كما هو في الأمثلة بين يديك مع أن شعبة وابن القطان في جرحهما هذا متجرد أن من العصبية والهوى فيما نحسبهما والله حسيبهما.
وإن أبى الشيخ يحيى - ألهمه الله رشده - ومن معه إلا تطريد قاعدة (أن الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم) دون مراعاة للقيود والضوابط فليقبل جرح شيخه العلامة محمد بن عبدالوهاب الوصابي حفظه الله فيه حيث وصفه أنه كذاب!
وليقبل جرح العلامة عبيد الجابري حفظه الله فيه أنه محروم الحلم والحكمة وأنه لا يعرف ضوابط الحزبية وأنه فاحش القول سليط اللسان!
فليطَّرد العمل بهذه القاعدة وليحذر أن يكون من أصحاب قاعدة (حقي حق وحق الناس مرق) والله المستعان.
تنبيه: كثيراً ما يدندن الشيخ يحيى وفقه الله بقوله : إنه أثبت الحجج والبراهين -حسب زعمه- على حزبية الشيخ عبدالرحمن وأن على من خالفه من أهل العلم أو غيرهم في هذه المسألة أن يبرز الأدلة على عدم حزبية عبدالرحمن وإثبات سلفيته وفي الحقيقة إن دل هذا على شيء فإنما يدل على جهل الشيخ يحيى وفقه الله وسدده ببعض مبادى علم الحديث
فإن من المعلوم بداهة عند كل من شم رائحة هذا الفن أنه لا يشترط في التعديل أن يكون مفسراً إنما يشترط ذلك في الجرح لاختلاف الناس في موجب الجرح ولأنه يحصل بأمر واحد أما التعديل فلا يشترط تفسيره بل يكتفي فيه بقولهم ثقة أو عدل أو سني أو ما شابه ذلك وذلك لأن تعداد أسباب التعديل تطول ويشق ذكرها بخلاف الجرح وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل الحديث والمحققين وإليك شيئاً من أقوالهم في ذلك:
1-قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله:- التعديل مقبول من غير ذكر سببه على المذهب الصحيح المشهور لأن أسبابه كثيرة يصعب ذكرها، فإن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول (لم يفعل كذا) (لم يرتكب كذا) (فعل كذا وكذا) فيعدد جميع ما يفسق بفعله أو بتركه وذلك شاق جداً. (علوم الحديث ص106)
2-قال الإمام النووي رحمه الله:- الرابعة:- يقبل التعديل من غير ذكر سببه على الصحيح المشهور ولا يقبل الجرح إلا مبين السبب (التقريب مع التدريب (1/305).
ومن العجيب أن الشيخ يحيى دَرَّس كتاب (التقريب) بما فيه هذا الكلام الذي نقلناه! فكيف غفل عنه بعد ذلك!!
3-قال الإمام ابن كثير رحمه الله:- والتعديل مقبول من غير ذكر السبب لأن تعداده يطول فقبل إطلاقه بخلاف الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسراً.(مختصر علوم الحديث (1/285) ت الحلبي
4- قال الحافظ العراقي رحمه الله:- اختلف في التعديل والجرح هل يقبلان أو أحدهما من غير ذكر أسبابهما أم لا يقبلان إلا مفسرين على أربعة أقوال (الأول) وهو الصحيح المشهور التفرقة بين التعديل والجرح فيقبل التعديل من غير ذكر سببه لأن أسبابه كثيرة فتثقل ويشق ذكرها لأن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول : ليس كذا وكذا ويعد ما يجب عليه تركه ويفعل كذا وكذا فيعد ما يجب عليه فعله فيشق ذلك ويطول تفضيله (فتح المغيث للعراقي ص145).
5-قال الامام ابن الوزير رحمه الله:- وأما العدالة فلا يجب ذكرها سببها لأنه يؤدي إلى ذكر اجتناب جميع المحرمات وفعل جميع الواجبات. (تنقيح الأنظار ص192) وانظر (العواصم والقواصم1/365).
6-قال الحافظ السخاوي رحمه الله: وصحح الجمهور من المحدثين وغيرهم كما هو المشهور قبول تعديل بلا ذكر لأسباب له خشية أن تثقلا لأنها كثيرة ومتى كلف المعدل لسرد جميعها احتاج أنيقول فعل كذا وكذا عاد أما يجب عليه فعله، وليس يفعل كذا وكذا عاد أما يجب عليه تركه وفيه طول. (فتح المغيث (2/21).
ونص على هذا السيوطي في (التدريب) وإبن الملقن في (المقنع) والصنعاني في (توضيح الأفكار) والوادعي في (شرح مختصر علوم الحديث) وغير واحد من أهل العلم وفيما ذكرنا كفاية لاقامة الحجة ودحض الشبهة لمريد الحق وبالله التوفيق.
كل هذا على فرض أن مشايخ السنة حفظهم الله إنما كان تعديلهم للشيخ عبدالرحمن العدني تعديلاً مجملاً، وإلا فنحن لا نسلم بذلك فإنهم قد عدلوا الشيخ عبدالرحمن العدني تعديلاً مفصلاً مبيناً حيث قالوا لا نعلم عنه حزبية وهو بريء من الحزبية وعدله إمام الجرح والتعديل ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعديلاً مفصلاً مبيناً حيث قال:ـ لا نعلم أن أحداً من الطرفين مبتدع أو عنده بدعة بل كلهم سلفيون مجاهدون على عقيدة واحدة ومنهج واحد .
وحيث قال فيه:- من أفاضل الناس وعلى ثغر عظيم.(فماذا بعد الحق إلا الضلال)
وأما جرح الشيخ يحيى للعدني ورميه له بالحزبية وزعمه إقامة الأدلة والبراهين على ذلك فقد تولى الرد على هذه الأدلة والبراهيم المزعومة كلها حامل لواء الجرح والتعديل ربيع بن هادي حفظه الله بنصه أنه ليس هناك أحد من الطرفين مبتدع أو عنده بدعة وأن هذه الأدلة المزعومة لا تعدو أن تكون أمراً شخصية ثم تطرَّق حفظه الله للملازم والأشرطة التي كتبت في هذه الفتنة فقال، قد يكتب بعض الناس قد يتحدث أشياء رأينا أنها غلط بارك الله فيكم، ولم يكتف حفظه الله بذلك حتى أمر بإحراقها وحذفها من الشبكة وكفى بهذا هدماً ونسفاً لهذه الأدلة والحقائق المزعومة! من إمام الجرح والتعديل وأعرف الناس بطرق ومكر الحزبيين في هذا العصر.(قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً).



طامة كبرى




وفاقرة عظمى أدلى بها بعض أتباع الحجوري
وأقره عليها الحجوري

بينما أنا أقرأ ذات يوم في ملزمة (البرهان المنقول فيما خالفه عبدالرحمن العدني وحزبه من الأصول) لصاحبها المشوِّش سعيد بن دعاس المشوشي والتي قرأها وأذن بنشرها الشيخ الحجوري وفقه الله إذ بي أقف على كلام خطير جداً إلى الغاية يقتضي الحكم على كل من اطلع على كلام الشيخ يحيى في تحزيبه للشيخ العدني ولم يقبله بمخالفة أصل من أصول السلفية.
قلت: وعلى رأس هؤلاء العلامة ربيع بن هادي و علماء أهل السنة في اليمن كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
قال سعيد بن دعاس: والواقع أن الذي أوقع بعض الأفاضل في معارضة ما أثبته شيخنا يحيى أعزَّ الله شأنه من حزبية العدني وحزبه الماكر وتجاهل ذلك مخالفة أصل من أصول السلفية والاعراض عن تطبيقه والعمل به شعروا أو لم يشعروا وهو قبول خبر من ثبت صدقه وأمانته وعدالته إذ أدى بهم إلى إلغاء الحقائق المتكاثرة الثابتة من أقوال وأفعال العدني وأنذال حزبه، فليحذر على نفسه من أغفل هذا الأصل الشرعي فإن الباطل يجر بعضه بعضاً، والبدع تبدأ صغيرة حتى تصيركبيرة.اهـ
فأنت ترى أيها القارئ الكريم أن هذا الرويبضة الحدَث الذي بلغ به التعصب وقلة الأدب مع العلماء مبلغاً عظيماً حتى صار لايدرى ما يخرج من رأسه، زعم أن الذي أوقع بعض الأفاضل قلت: ولا يخفى أن على رأسهم الشيخ ربيع والجابري وعلماء أهل السنة في اليمن - في معارضة إثبات الحجوري لحزبية العدني هو مخالفتهم لأصل من أصول السلفية وهو قبول خبر الثقة.
ومن المعلوم أن الرجل يصير محكوماً عليه بالبدعة بمخالفة أصل من أصول أهل السنة والجماعة، وحتى لا نذهب بعيداً فقد قرر سعيد بن دعاس فيما أقره عليه شيخه الحجوري في رسالته المذكورة أن الرجل يصير مبتدعاً بمخالفة أصل من أصول أهل السنة والجماعة ونقل ذلك عن الشاطبي وغيره من أهل العلم.
فهل ياترى جميع أهل السنة ومشايخ السنة الذين اطلعوا على تحزيب الشيخ يحيى للشيخ عبدالرحمن ولم يقبلوا ذلك منه مبتدعة لأنهم خالفوا اصلاً من أصول السلفية!!!
هذا ما يدل عليه كلام سعيد الذي أقره عليه الحجوري.
ولا يشفع لعلماء أهل السنة وغيرهم ممن اطلع على تحزيب الشيخ الحجوري للشيخ العدني ولم يرتضه من الحكم عليهم بمخالفة أصل من أصول السلفية كونهم لم يشعروا بوقوعهم في هذه المخالفة فقد قال سعيد بن دعاس فيما أقره عليه شيخه الحجوري: شعروا أولم يشعروا.
فيا معشر علماء أهل السنة في اليمن وأيها العلامة الامام ربيع بن هادي أيها العلامة الجابري اربعوا على أنفسكم وراجعوا سلفيتكم !!! ولا تردوا خبر الحجوري في تحزيبه للعدني فتكونوا بذلك قد خالفتم أصلاً من أصول السلفية شعرتم أو لم تشعروا!!!
جرأة على العلماء وقلة أدب أظنها لم تطرأ على بعض الغلاة يوماً من الدهر أي حق تدعوا إليه.
أيها الحجوري وأنت تقر من يرمي علماء السنة وحملتها الذابين عنها بمخالفة أصل من أصول السلفية شعروا أو لم يشعروا!!
أي حق تدعو إليه يا حجوري وأنت تجرَّئ صغار طلبة العلم الجهلاء حدثاء العلم والأسنان على التطاول على كبار العلماء بالشتم والتفسيق والتبديع!! (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم)
وليت الأمر يقف عند ذلك بل لازم هذا التأصيل الفاسد أن كل من لم يسلِّم بتبديع عالم من علماء أهل السنة لرجل آخر مع اطلاعه عليه يعد ناقضاً لأصل من أصول السلفية (الذي هو قبول خبر الثقة)!!
فعلى لازم هذا التأصيل الفاسد فالامام عبدالصمد بن عبدالوارث مبتدع!! لما لم يرض بنسبة حماد بن زيد وزكريا الساجي القول بالقدر لأبيه، بل قال عبدالصمد:ـ مكذوب على أبي وما سمعت منه في القدر يقول قط شيئاً راجع (هدي الساري ص598).
وعلى هذا فالامام الاوزاعي مبتدع!! لما أنكر على الثقة العدل سعيد بن عبدالعزيز التنوخي نسبة حسان بن عطية إلى القول بالقدر.(هدي الساري ص564)
وعلى هذا فالامام أحمد بن صالح العجلي والحافظ ابن حجر مبتدعان!! لما لم يقبلا ما نسبه الامام أحمد وابن معين ومصعب الزبيري الثقات العدول إلى عكرمة البربري من القول برأي الخوارج بل قال العجلي :- عكرمة مكي تابعي ثقة بريء مما يرميه الناس به من الحرورية. راجع (هدي الساري ص603- 605)
وقال فيه الحافظ في (التقريب) :- ثقة ثبت لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر ولا تثبت عنه بدعة.
وعلى هذا فالعلامة شيخ شيوخنا عبدالمحسن العباد حفظه الله مبتدع!!! لما لم يقبل خبر الثقات العدول كالشيخ ربيع ومن نحا نحوه في تحزيبهم لأبي الحسن المأربي.
وليس لهؤلاء الجبال الفضلاء ذنب في الحكم عليهم بالبدعة على حسب تأصيل الشيخ يحيى وتلميذه سعيد بن دعاس سوى أنهم خالفوا اصلاً من أصول السلفية وهو وجوب قبول خبر الثقة !! (ربنا لاتؤاخذنا بما فعل السفهاء والطاعنون في علماء السنة منا)
ولا تظن أن هذا أو شيئاً منه لم يخطر ببال سعيدوشيخه الحجوري بل قد أشار سعيد في آخر كلامه إلى عدم غفلته عن ذلك حيث قال هذا الجويهل المسكين مُعَرِّضاً بعلماء أهل السنة ( فليحذر على نفسه من أغفل هذا الأصل الشرعي فإن الباطل يجر بعضه بعضاً والبدَع تبدأ صغيرة حتى تصير كبيرة).
فنصيحتي لعلماء السنة ثانياً وعلى رأسهم العلامة ربيع بن هادي والعلامة عبيد الجابري والعلامة محمد الوصابي أن لا يردوا خبر الثقة العدل يحيى بن علي الحجوري في تحزيبه لعبدالرحمن العدني فيكونوا بذلك قد خالفوا أصلاً من أصول السلفية يخرجهم من أهل السنة والهدى إلى أهل البدعة والردى شعروا أو لم يشعروا!!! وليحذروا على أنفسهم من التمادي في مخالفة هذا الأصل من أصول السلفية!!فإن الباطل يجر بعضه بعضاً والبدع تبدأ صغيرة حتى تصير كبيرة فاللهم سلم سلم
بل وما تقدم معنا من عدم قبول العلماء قرناً بعد قرن إلى يومنا هذا لخبر الثقة العدل أحمد بن شعيب النسائي أن أحمد بن صالح ليس بثقة.
وعدم قبولهم خبر الثقة العدل مالك بن أنس أن ابن إسحاق دجال من الدجاجلة وعدم قبولهم خبر العدل عمرو الغلاس أن محمد بن بشار بندار كذاب.
وعدم قبولهم خبر العدل أبي بكر بن أبي داود أن ابن صاعد كذاب لازم للحجوري وتلميذه سعيد بن دعاس بالحكم على جميع العلماء من عهد مالك وأبي داود إلى زمننا هذا الذين اطلعوا على هذا الجرح ولم يرتضوه بالبدعة لكونهم خالفوا أصلاً من أصول السلفية الذي هو الأخذ بخبر الثقة
فعلى لازم هذا التأصيل فالشيخ يحيى ومن معه مبتدعة لكونهم لم يأخذوا بخبر الثقة العدل أحمد بن شعيب النسائي في أحمد بن صالح المصري بل هم يصححون حديثه. وهكذا دواليك
ولو طرَّدنا هذه القاعدة لما بقي لنا على وجه الأرض سني فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
ثم نقل سعيد بن دعاس عن بعض المشايخ الأفاضل حفظهم الله هكذا دون تسمية له أنه قال :-
لكن هنا أمر وهو أن الانسان قد يتحامل على خصمه وإن كان عدلاً فينبغي التأني وعدم التعجل فما ينقله عن خصمه اهـ
قلت :- وهذا كلام يكتب بماء الذهب لكن سعيداً لفظاعة جهله وفرط تعصبه وتدخله فيما لا يحسنه ولا يعنيه عقب هذا الكلام بقوله :
أقول :- ومقتضى ذلك أنه يجب التثبت من خبر الثقة العدل الصادق وهذا مخالف صراحة لقول الله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) الذي فيه الأمر بالتثبت من خبر الفاسق لا العدل.
ومع ما في هذا من المخالفة ففيه خلط لا يليق لأنه جعل الثقة العدل والفاسق في مرتبة واحدة من وجوب التثبت من خبره وقد فرق الله بينهما في الآية السابقة ثم إذا علم أن الناقل تحامل في النقل عن خصمه فزاد عليه أو نقص من كلامه ما يغير الكلام صار متهماً يعامل معامة الفاسق في لزوم التثبت من خبره ورده ومن الخلط الفاحش والخلط بين المسائل إبقاؤه في رتبة العدالة وقد ارتكب مفسقاً متعمداً لأن التحامل يعني ذلك.(البرهان المنقول ص22)
فقد تضمن هذا الكلام تأصيلين فاسدين
الأول:- أن التثبت من خبر العدل حتى وإن ظهر ما يستدعي ذلك من خصومة أو نحوها مخالف لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا).
الثاني:- أن تحامل الرجل على خصمه مخرج له عن العدالة وأن من الخلط إبقاؤه في مرتبة العدالة.
ولنقض هذا التأصيل الفاسد وبيان دخنه وعفنه أقول مستعيناً بالله:ـ
نعم هذا هو الأصل في خبر الثقة العدل عدم التثبت والتبين من خبره لمفهوم المخالفة في الآية المذكورة ولعشرات الأدلة الدالة على وجوب قبول خبر الواحد الثقة العدل لكن إذا استدعى الأمر في بعض الحالات التريث والتبين من خبر الثقة العدل لقرينة تدل على ذلك فالتثبت من خبر العدل في هذه الحالة مشروع وليست فيه مخالفة للآية المذكورة
وذلك كأن يخالف الثقة العدل خبر ثقات عدول آخرين فهنا نتوقف في خبر الثقة العدل وربما رددناه وحكمنا عليه بالشذوذ إذا كان المخالفون له أقوى منه عدداً أو وصفاً حيث أن الشاذ:ـ مخالفة المقبول من هو أولى منه.
وإن أبى الشيخ يحيى وتلميذه سعيد بن دعاس إلا القول بتطريد قبول خبر الثقة فيلزمهما عدم القول بالشاذ وتطريد القول بقبول زيادة الثقة مطلقاً سواء كانت في السند كالوصل والرفع أو كانت في المتن ولو كان المخالف للواصل والرافع أو للثقة الذي زاد زيادة في المتن ـ أقوى منه وصفاً أو عدداً، وهذا الإلزام في غاية الوضوح.
ولا أظن الشيخ يحيى يلتزم بهذا الشرط بل هو يمشي فيما عهدناه في مسألة زيادة الثقة على مذهب أهل الحديث المجانب لمذهب الفقهاء والأصوليين في هذه المسألة.
وقد حكم على عدة زيادات بالشذوذ لمخالفة الثقة من هو أولى منه فيلزم الشيخ يحيى على هذا الاعتراف ببطلان تطريد القول بقبول خبر الثقة وإلا فعليه الاعتراف بالتناقض.
بل إن الامام أحمد والنسائي والقطان والبرديجي ربما أطلقوا النكارة على مجرد تفرد الثقة العدل بحديث من الأحاديث وتوقفوا في قبول ذلك الحديث فهل تستطيع يا شيخ يحيى الحكم على هؤلاء الحفاظ بمخالفة أصل من أصول السلفية لتوقفهم في قبول خبر الثقة في هذه الحالة؟!
هذا لازم تأصيلكما الفاسد ومن أمثلة التبين من خبر العدل على خلاف الأصل إذا ظهر من القرائن ما يستدعي ذلك تثبت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتبينه من خبر ذي اليدين رضي الله عنه عند أن قال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم متبيناً من خبر الثقة العدل ذي اليدين:ـ أصدق ذو اليدين؟ فقالوا نعم) فهذا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي أنزل عليه قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) تثبت من خبر الثقة العدل ذي اليدين لقرينة سيأتي بيانها من كلام أهل العلم إن شاء الله فماذا تقول في ذلك يا شيخ يحيى أنت وسعيد بن دعاس.
وهل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذه الحالة خالف الآية المذكورة!!!!! أريد جواباً صريحاً سليماً دون تكلف من الشيخ يحيى وسعيد الذي يزعم دون تقييد أن التثبت من خبر العدل مخالف للآية المذكورة
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله:- وأما خبر الواحد الثقة الذي ليس له معارض أقوى منه فإنه يجب قبوله لأدلة دلت على ذلك، وقد يتوقف فيه أحياناً لمعارضته بما يقتضي التوقف فيه كما توقف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قول ذي اليدين حتى توبع عليه.(فتح الباري (6/474))
وذكر العلائي رحمه الله نحواً من ذلك ثم قال:- فموضع الدلالة أن انفراد الواحد في مثل هذا المقام يقتضي االريبة بقوله، وينتهي إلى القطع بكذبه، لكن في هذا المقام لم يمكن القطع ولا الظن بالكذب لعدالة الصحابة فتوقف حتى وافقه القوم فتحقق صدقه.(نظم الفرائد ص196)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله معدداً فوائد حديث ذي اليدين رضي الله عنه:ـ وفيه أن الثقة إذا انفرد بزيادة خبر وكان المجلس متحداً أو منعت العادة غفلتهم عن ذلك أن لا يقبل خبره.(فتح الباري (ص132) ط السلام .
وقال رحمه الله:- أما قصة ذي اليدين فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما توقف فيه للريبة الظاهرة لأنه أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن فعل نفسه وكان ثمَّ جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ولم يذكره أحد منهم سواه فكان موجب التوقف قوياً، وقد قبل خبر غيره على انفراده عند انتفاء الريبة في حملة من الوقائع. (النكت على ابن الصلاح (1/245)
وقال الامام ابن الوزير رحمه الله:ـ ولاشك أن حديث الثقة قد يكون معلولاً بأمر يوجب الوقف، ولهذا توقف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قبول حديث ذي اليدين حتى سأل، وتوقف عمر في قبول خبر فاطمة بنت قيس.(الروض الباسم (1/103)
قلت:- وهكذا تثبت عمر بن الخطاب رضي الله عنه من خبر الثقة العدل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عند أن ظهرت قرينة تستدعي ذلك فقد جاء في البخاري (6245) ومسلم (33) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ( كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور فقال :استأذنت على عمر ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت فقال لي:- مامنعك؟ قلت:
استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي فرجعت وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:- "إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع" فقال : والله لتقيمن عليه بينة، أمنكم سمعه من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟) الحديث فأنت ترى أن عمر رضي الله عنه تثبت من خبر الثقة العدل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه على خلاف الأصل في ذلك لوجود قرينة سيأتي بيانها إن شاء الله فهل عمر رضي الله عنه في فعله هذا مخالف للآية المذكورة (نبؤني بعلم إن كنتم صادقين)
قال الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه من(تذكرة الحفاظ (1/6) (فما دار الفلك على مثل شكل عمر وهو الذي سن للمحدثين التثبت في النقل، وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب ثم ساق الذهبي قصة عمر مع أبي موسى رضي الله عنهما .
والشاهد من كلام الامام الذهبي رحمه الله قوله في عمر رضي الله عنه:ـ وربما كان يتوقف عن خبر الواحد إذا ارتاب مستدلاً بتثبته من خبر الثقة العدل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عند حصول مايستدعي ذلك
والخلاصة في هذه المسألة ما قرره الامام محمد بن إبراهيم الوزير رحمه الله بقوله ( من جملة التبين أننا ننظر إلى المخبر أهو من أهل الصدق والتحري أم لا؟ فإن لم يكن منهم لم نقبله وإن كان منهم نظرنا هل أخبرنا بأمر يتعلق بحقوق المخلوقين أو بأمر من أمور الدين؟
فإن كان مما يتعلق بأمر الدين اكتفينا بظن صدقه وأمانته مالم يجرح بأمر يعارض أدلة قبوله.
وإن كان في حقوق المخلوقين لم نصدقه حتى يشهد معه شاهد آخر غالباً. ) (الروض الباسم(2/496- 497)
فعلى هذا فقول الشيخ الفاضل الذي نقله عنه سعيد بن دعاس أنه ينبغي التأمل وعدم التعجل في قبول خبر الثقة العدل فيما تحامل فيه على خصمه، قول صحيح لا غبار عليه بل هو مستند إلى هذه الأدلة التي سقناها.
وأحب أن أختم هذا بإلزام قوي للإمام أبي عمر يوسف ابن عبدالبر رحمه الله لمن أبى إلا أن يجعل خبر الثقة العدل في غيره مقبولاً دائماً دون استثناء قال رحمه الله بعد أن ذكر عدة أمثلة مما جرى من بين الصحابة وبعض السلف من الجرح المردود:ـ فمن أراد أن يقبل قول العلماء الثقات الأئمة الأثبات بعضهم في بعض فليقبل قول من ذكرنا قوله من الصحابة رضوان الله عليهم بعضهم في بعض، فإن فعل ذلك ضل ضلالاً بعيداً وخسر خسراناً.
وكذلك إن قُبل في سعيد بن المسيب قول عكرمة، وفي الشعبي وأهل الحجاز وأهل مكة وأهل الكوفة وأهل الشام على الجملة، وفي مالك والشافعي وسائر من ذكرنا من بعضهم في بعض، فإن لم يفعل ولن يفعل إن هداه الله وألهمه رشده فليقف عند ما شرطنا في أن لا نقبل فيمن صحَّت عدالته وعلمت بالعلم عنايته وسلم من الكبائر ولزم المروءة والتصاون وكان خيره غالباً وشره أقل عمله، فهذا لا يقبل فيه قول قائل لابرهان له به، وهذا هو الحق الذي لا يصح غيره إن شاء الله . (جامع بيان العلم وفضله (2/1117).
وأما قول سعيد: ثم إذا علم أن الناقل تحامل في النقل عن خصمه فزاد عليه أو نقص من كلامه ما يغير الكلام صار متهماً يعامل معاملة الفاسق في لزوم التثبت من خبره ورده، ومن الخلط الفاحش والخلط بين المسائل إبقاؤه في رتبة العدالة، وقد ارتكب مفسقاً متعمداً، لأن التحامل يعني ذلك.(البرهان المنقول ص22).
فكلام سعيد هذا مبني على سوء فهم لكلام الشيخ الفاضل الذي نقل عنه سعيد أنه قال: (فينبغي التأمل وعدم التعجل فيما ينقله عن خصمه).
فَمراد الشيخ الفاضل كما هو ظاهر كلامه أن العدل قد يتحامل على خصمه فينقل عنه أنه فاسق أو حزبي أو مبتدع أو كذاب أو ما شابَه ذلك من الأوصاف وخصمه في حقيقة الأمر غير واقع في ذلك .
قلت: وهذا واقع كما تحامل مالك على ابن إسحاق فنقل عنه أنه دجال من الدجاجلة وكما تحامل الذهلي على البخاري فطرده من مجلسه وكما تحامل النسائي على أحمد بن صالح فنقل عنه أنه ليس بثقة وقد نقل الخليلي اتفاق الحفاظ على أن النسائي تحامل على أحمد بن صالح كما في (مقدمة ابن الصلاح)
وكما تحامل الفلاس على بندار فنقل عنه أنه كذاب .
وكما تحامل كل من أبي نعيم وابن منده على الآخر بكلام مقذع كما في (سير النبلاء 17/34).
وكما تحامل ابن أبي ذئب على مالك فقال يستتاب مالك فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
وكما تحامل سليمان بن حرب على عفان الصفار فنقل عنه أنه كان بطيئاً رديء الحفظ بطيء الفهم. وكما في (ميزان الاعتدال (5/102) إلى ما سوى ذلك.
وهذا التحامل لا يعد مخرجاً لهؤلاء الثقات العدول من حيز العدالة كما قرره الشيخ الفاضل فيما نقله عنه سعيد بن دعاس فالثقة العدل غير معصوم.
وليس مراد الشيخ الفاضل في تحامل العدل فيما ينقله عن خصمه ما فهمه صاحب الفهم السقيم سعيد بن دعاس أنه يتحامل بحيث أنه يزيد في نقل كلام خصمه أو ينقص منه ما يغير الكلام متعمداً فإن فاعل ذلك يعد كذاباً مخروم العدالة إنما مراد الشيخ ما تقدم بيانه بأدلته ولكن :
وكم من عائب قولاً صحيحاً
وآفته من الفهم السقيم

فإن سعيداً وأمثاله لما نظروا إلى أقوال أهل العلم والفضل بعين البغض والسُّخط والإنكار أدى بهم ذلك إلى حمل كلامهم على أسوأ المحامل وإلى عدم فهم كلامهم على الوجه الصحيح .
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساوئا
وفي الحقيقة فزعم سعيد فيما أقره عليه شيخه الحجوري أن رد خبر الثقة يعد مخالفاً لأصل من أصول السلفية دون تقييد وأن التثبت من خبر الثقة مخالف للأدلة حتى وإن ظهر من القرائن ما يستدعي ذلك دليل على صحة ما قرره العلامة عبيد بن عبدالله الجابري حفظه الله أن الشيخ يحيى ومن معه لا يفهمون ضوابط الحزبية.
قلت:- وكذا ضوابط التفسيق والتبديع، الأمر الذي أدى بهم إلى تفسيق وتبديع العشرات من الأبرياء وما تأصيلهم الفاسد الذي سبق نقضه الذي يلزم منه تفسيق جمهور أهل السنة إلا من أكبر الأدلة على ذلك .
وكما قيل نصف فقيه يخرب الفقه ونصف طبيب يخرب الطب وهكذا نصف محدث يخرب علم الحديث والله المستعان.
فما أحوج هذا الصنف إلى إتقان قواعد علم الجرح والتعديل والتفسيق والتبديع وضوابط الحزبية قبل الهجوم والثورة على علماء أهل السنة ودعاتهم بالتجريح والتبديع ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .
وحتى لايكونوا من طبقة الجهال الذين لا يعرفون الفتنة إلا بعد إدبارها كما هو مشاهد عن كثير منهم والله المستعان.
وقد تضمن كلام سعيد بن دعاس الذي تم تفنيده ـ أصلين فاسدين مخالفين لأصول أهل السنة والجماعة وقد أقره شيخه يحيى عليه وهذان الأصلان هما:-
الأصل الأول:- زعمهما أن من رد خبر الثقة يكون مخالفاً لأصل من أصول السلفية دون تفصيل منهما أو تقييد .
الأصل الثاني:- زعمهما أن التثبت من خبر العدل مخالف لقول الله (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) حتى وإن ظهر من القرائن ما يستدعي ذلك من خصومة ونحوها.
وإن شئت جعلت هذين الأصلين أصلاً واحداً لتقاربهما والسؤال الذي أوجهه إلى الشيخ يحيى وتلميذه سعيد هو :- أنكما قررتما أن الرجل يخرج من أهل السنة بمخالفته لأصل من أصولهم ويصير بذلك مبتدعاً .
فها أنتما قد خالفتما بتأصيلاتكما التي سقناها هنا ما يضادها من أصول أهل السنة والجماعة، فهل ستطردان القاعدة وتحكمان على أنفسكما بالبدعة والخروج من السنة؟!
وأذكركما بقول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ) .
وأما زعم سعيد بن دعاس فيما أقره عليه الشيخ يحيى وقد سمعناه منه أكثر من مرة أن عندهم أدلة وحقائق متكاثرة على حزبية الشيخ عبدالرحمن العدني فهذا من التهويل والتلبيس الذي لا ينفق على أهل العلم إذ لو كان عندكم ذلك لما زكاه علماء أهل السنة والجماعة الذين اطلعوا على هذه القضية لو كان عندكم حقائق وبراهين لما خفيت على أعلم الناس بطرق وأساليب الحزبيين في هذا العصر ربيع بن هادي حفظه الله الذي جلس مع الخصمين ودرس هذه الفتنة دراسة دقيقة وخلص أنها أمور شخصية.
وقد تولى كشف هذه الطنطنة والشبهة الخاوية شيخنا الجليل الناقد البصير عبدالعزيز بن يحيى البرعي حفظه الله حيث سئل حفظه الله:ـ هل ماهو حاصل الآن بين الشيخ يحيى والشيخ عبدالرحمن وعبدالله ابناء مرعي وهكذا الشيخ سالم بامحرز هو عبارة عن فتنة تنصحون باجتناب ذلك كله أم هو بيان لحقائق ودفاع عن هذا المنهج السلفي الحق؟
فأجاب حفظه الله:- لا يمكن أن تكون هناك حقائق على شخص تدل على انحرافه عن السنة ثم يبقى أهل السنة يقولون هذا أخونا؟!!
آسف ثم آسف من هذه النظرة إلى أهل السنة.
الذي يظن بأهل السنة هذا الظن الحقيقة بارك الله فيكم أنه يحتاج إلى أن يتقي الله عز وجل ويراقب الله عز وجل في نظرته إلى مشايخ أهل السنة.
لاحظ إلى مادة السؤال:- هل هي فتنة - بمعنى اثنان مختصمان نسعى إلى الصلح بينهما - أم هي حقائق ودفاع عن السنة؟
تمام السؤال الذي ماهو موجود:ـ وأنتم تغضون الطرف عن من ثبتت فيه الحقائق ،هذا تمام السؤال وهو غير موجود .
هذا ما يظن بأهل السنة هذا الظن، ولا يجوز أن ينزلوا هذه المنزلة.
ماهي المصلحة التي معنا حتى نجامل مع فلان بعد ثبوت الحقائق فيه؟
هذا السؤال معناه أن هذه الحقائق التي ثبتت تمَّ سكوتكم عنها أنتم مشاركون في الانحراف فبارك الله فيكم هذا على السائل مادام أنه يظن هذا الظن في مشايخ أهل السنة الله المطلع وعالم بعبادة ويعلم ما عليه مشايخ أهل السنة من الذب عن السنة والدفاع عنها نحن نقول إما سوء تصرف من الاخوة المعنيين أو فهم خاطئ من الشيخ يحيى ونحن نسعى في رأب الصدع.
أما أن يقرر أحد أن الشيخ يحيى تكلم بحقائق وأننا نجامل على حساب السنة!! هذه مشاركة في الانحراف وأقول:ـ إذا وصل الظن بطالب علم بمشايخ أهل السنة إلى هذا الحد فلا ينبغي أن يسألهم لأنه لايُركن عليهم لأنهم أصبحو مجروحي العدالة إذا كانوا مستعدين أن يجاملوا على حساب سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اهـ المراد (جلسة أصحاب قصيعر مع فضيلة الشيخ عبدالعزيز البرعي) .
وختاماً أطلب من الشيخ يحيى وفقه الله أن ينظر بتأنٍ وعدل وإنصاف فيما يعرض عليه من الرسائل والملازم والمذكرات في هذه الفتن وفي غيرها فإن الأمر دين وأهل العلم لا ينظرون إلى كاتب الرسالة أو ناظم القصيدة فربما يكون مدسوساً أو مجهولاً ليس له شأن ولا ذكر أو نحو ذلك .
إنما ينظرون إلى الذي قرأها وأذن بنشرها من أهل العلم فحينئذ يحملونه تبعات كل ما في هذه الرسائل من السباب والشتائم والطعن في أهل العلم بالتصريح أو بالتلميح والإتيان بالقواعد المحدثة التي ما أنزل الله بها من سلطان وكذا أنصحه أن لا يشجع طلبة العلم بالتدخل فيما لايعنيهم من الخوض في هذه الفتنة وما شاكلها من النوازل التي أمرنا الله فيها وفي أمثالها بالرجوع إلى أهل العلم.
فالطالب لقصر نظره وقلة إدراكه للأمور والمصالح والمفاسد ربما ينقدح في نفسه أشياء يظن أنها هي الحق وهي في الواقع عين الباطل ومن ثمَّ يتكلم فيما لا يحسنه ولا يعنيه وربما أدى به ذلك إلى تنقص كبار العلماء وتسفيه آرائهم والتعريض بتبديعهم كما هو المشاهد في كثير من الملازم الصادرة عن دماج في هذه الفتنة التي كانت سبباً عظيماً لإثارة الفتنة وشق الصف وشماتة الأعداء وزرع الشحناء والبغضاء بين أهل السنة وتشويه جمال صورة دار الحديث بدماج الحبيبة عند كثير من السلفيين في الداخل والخارج وكفى بهذا مفسدة.
قال الامام الشوكاني رحمه الله في ترجمة علي بن قاسم حنش من (البدر الطالع (1/473):- ومن محاسن كلامه الذي سمعته منه يقول:- الناس على طبقات ثلاث ثم ذكر الطبقة العالية ثم السافلة ثم قال: والطبقة المتوسطة هي منشأ الشر وأصل الفتن الناشئة في الدين، وهم الذين لم يمعنوا في العلم حتى يرتقوا إلى رتبة الطبقة الأولى، ولاتركوه حتى يكونوا من أهل الطبقة السافلة.
فإنهم إذا رأوا أحداً من أهل الطبقة العليا يقول ما لا يعرفونه مما يخالف عقائدهم التي أوقعهم فيها القصور فوقوا إليه سهام التقريع ونسبوه إلى كل قول شنيع وغيروا فِطَر أهل الطبقة السفلى عن قبول الحق بتمويهات باطلة فعند ذلك تقوم الفتن الدينية على ساق.
وقال شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله في صدد الكلام عن أسباب زوال الخلاف بين أهل السنة فذكر أشياء منها سؤال أهل العلم ثم قال:- ولكن بعض طلبة العلم رضي بما عنده من العلم وأصبح يجادل به كل من خالفه وهذا سبب من أسباب الفرقة والإختلاف. (الترجمة ص201) .
ونصيحتي للمنتصرين لرأي الشيخ يحيى في هذه الفتنة أن لا يقحموا أنفسهم فيما لا يعنيهم وفي مجابهة العلماء ورد نصائحهم المباركة فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .
وأما كتابتي هذه فلم أجعل نفسي فيها حاكماً على العلماء مسفهاً لآرائهم إنما غاية ما قمت به دحض الشبه ولأباطيل التي ألصقها الحجوري ومن معه بالحق الذي نطقت به بيانات علماء أهل السنة والجماعة .
خاصة وقد أذن بذلك العلامة ربيع بن هادي حفظه الله لما رأى إصرار الحجوري ومن معه على شق الصف وإثارة الشَّغب والشبه على نصائح العلماء.
وأحذرهم من الوقوع في شراك الحزبية والعصبية التي يرمون بها غيرهم حيث بلغ ببعضهم التعصب لشيخهم يحيى إلى درجة تضييق الولاء والبراء عليه فمن وافقه أحبوه وأكرموه ومن خالفه لمزوه وهمزوه وربما طعنوا فيه وحزبوه وهذه هي عين الحزبية .

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:ـ فمن جعل شخصاً من الأشخاص غير رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أحبه ووافقه كان من أهل السنة والجماعة ومن خالفه كان من أهل البدع والفرقة كما يوجد في الطوائف من أتباع أئمة الكلام في الدين وغير ذلك كان من أهل البدع والضلال والتفرق. (مجموع الفتاوى (3/347))
وأحذر أتباع الحجوري أن يكونوا مع علمائهم كما قال الامام ابن القيم رحمه الله:ـ ومن الناس من طبعه طبع خنزير يمر بالطيبات فلا يلوي عليها فإذا رجع الإنسان عن رجيعه قَمَّه، وهكذا كثير من الناس يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها ولا ينقلها ولا تناسبه فإذا وجد سقطة أو كلمة عوراء وجد بغيته وما يناسبها فجعلها فاكهته ونقلته.(مدارج السالكين (1/403))
وأذكرهم أخيراً بنصيحة ذهبية من الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله حيث قال رحمه الله:- وهاهنا أمر خفي ينبغي التفطن له وهو أن كثيراً من أئمة الدين قد يقول قولاً مرجوحاً ويكون مجتهداً فيه مأجوراً على اجتهاده فيه، موضوعاً عنه خطؤه فيه، ولا يكون المنتصر له بمنزلته في هذه الدرجة لأنه قد لا ينتصر لهذا القول إلا لكون متبوعه قد قاله بحيث لو أنه قاله غيره من أئمة الدين لما قبله ولا انتصر له ولا والى من وافقه ولا عادى من خالفه، وهو مع هذا يظن أنه إنما ينتصر للحق بمنزلة متبوعه وليس كذلك فإن متبوعه إنما كان قصده الانتصار للحق وإن أخطأ في اجتهاده، وأما هذا التابع فقد شاب انتصاره لما يظنه الحق إرادة علو متبوعه وظهور كلمته وأن لا ينسَب إلى الخطأ، وهذه دسيسة تقدح في قصد الانتصار للحق فافهم هذا فإنه مهم عظيم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (جامع العلوم والحكم ص620) ط دار ابن الجوزي عند الكلام على الحديث الخامس والثلاثين.
وبهذا مع الملزمة السابقة (ما هكذا تورد يايحيى الإبل) أكون قد انتهيت بفضل الله عز وجل من تفنيد الشبه التي يتكئ عليها الشيخ الحجوري وفقه الله ومن معه لرد نصائح أهل العلم الراسخين وتسفيه آرائهم كي يتسنى لهم ما يرمون إليه من تبديع الأبرياء وما إلى ذلك من الأمور التي لا يعلمها إلا الله، والشبه التي تم تفنيدها هنا هي :
1-تعلقهم بقاعدة من علم حجة على من لم يعلم .
2-تعلقهم بقاعدة المثبت مقدم على النافي .
3-تعلقهم بقاعدة الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم .
4-تعلقهم بقاعدة البلدي مقدم على غيره .
5-تعلقهم بقاعدة وجوب الأخذ بخبر الثقة .
وقد تبين لك ذلك من خلال هذا الرد الكافي الشافي- بإذن الله - أن تعلقهم بهذه القواعد لتمرير ماهم عليه من الباطل كما قيل:
فأصبحت من ليلى الغداة كقابض على الماء حانته فروج الأصابع
وأن حال هذه الشبه كما قيل :
شبه تهاوت كالزجاج تخالها لكنها تخفى على العميان
أسأل الله أن يختم لنا بالحسنى وأن يثبتنا على دينه حتى نلقاه إنه ولي ذلك والقادر عليه سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.



كتبه : عبدالله بن أحمد الخولاني

كانت المراجعة النهائية بتاريخ 9/8/1429 هـ
 
اضغط هنا لتنزيل المقال بصيغة ورد 
منقول من منتديات الوحيين السلفية

جميع الحقوق محفوظة لـ © المدونة السلفية القحطانية