ويمكن القول بأن الرجل متناقض في ضبط مسائل هذا الباب, ويتضح هذا فيما يأتي:
أولا: تعريفه للبدعة : قال الحجوري : وأما البدع التي يصر عليها صاحبها ويعاند عليها، ويبين له أن هذه بدع واضحة، وهو ما زال عليها، هذا حاله أشد من المعصية، والفرق واضح بين البدع والمعاصي.
البدع: محدثات في الدين على غير مثال سابق يريد بها أصحابها التعبد، وصاحبها معاند.
والمعاصي: صاحبها غالبًا يكون غير معاند، ولا متبجح بها" ا-هـ.
أقول في هذا الكلام خلط واضح بين المبتدع والبدعة , فإن أهل السنة يطلقون أن البدع أشد من المعاصي , وأن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية.
ولكن الحجوري لم يورد هذا الإطلاق بل قيده بعدة تقييدات منها:
أن تكون هذه البدع مما يصر عليها صاحبها.
وأن يكون صاحب هذه البدع معاند
وأن يتبين لصاحبها أن هذه بدع واضحة.
وأن يستمر عليها.
فحينئذ وبعد استيفاء هذه الشروط جاء الحكم بقوله :" هذا حاله أشد من المعصية ".
فيلحظ القارئ أن الحجوري ابتدأ الكلام عن البدعة ثم انتهى إلى القائم بالبدعة, وهذا أمر غير سديد, ويزيد هذا الأمر وضوحا قوله في تعريف البدع :" البدع: محدثات في الدين على غير مثال سابق يريد بها أصحابها التعبد، وصاحبها معاند" فلست أدري ما فائدة هذا التقييد. وهو أمر لم يذكره أهل العلم في تعريفهم للبدعة .
وهل ياترى إذا كانت هناك بدعة ويقوم بها فرد من الناس وهو غير معاند , بل لو نصح رجع وأناب وأقلع, فهل يكون فعله ذاك ليس ببدعة ؟!!.
ثانيا: من هو المبتدع : يقرر الحجوري عدم التفريق بين المبتدع الداعية إلى بدعته وبين المبتدع غير الداعية فالكل عنده داعية, بل يقسم الحجوري أن هذا التقسيم باطل , بل ويقرر ذلك بقوله : ( لايوجد مبتدع على وجه الأرض. مبتدع ويقال فيه أنه لا يمكن أن يدعو إلى بدعته قولا ولا فعلا, ) ويقرر أن هذا التقسيم فارغ .
وأقول: نعم وقع خلاف بين أهل العلم في قبول رواية المبتدع, فمنهم من قال بجواز قبول روايته بشروط ذكرها علماء المصطلح في مؤلفاتهم, ومنهم من قال يقبل قول المبتدع مالم يكن داعية , فهذه مسألة مبحوثة ومطروحة في دواوين العلم.
ولكن الشيء الذي لم أجده في كلام أهل العلم – حسب بحثي القاصر- الخلاف في أن فاعل البدعة لابد وأن يكون داعية إليها.
فالقول بأن كل من وقع في البدعة فهو داعية إلى هذه البدعة هذا نتاج الفهم عند إمام الثقلين.
ثالثا : إطلاقه لفظ البدعة.
الحجوري في هذا الباب متخبط جدا , ونتيجة لعدم فهمه لماهية البدع وحقيقتها فإنه ينزل حكم البدع على أمور المعاصي والمحرمات مخالفا بذلك تقريره في تعريف البدعة, وقد كفاني أخي عبد الرحمن البرمكي ذكر شيء من الأمثلة على هذا الباب : وهي :
المثال الأول :
جاء في تحقيق الحجوري لكتاب "وصول الأماني بأصول التهاني" للسيوطي ص (46) :
( والحق أن النثار على هذه الكيفية المعلومة الآن عند الناس محدث ).
المثال الثاني :
قال الحجوري في كتابه "المفهوم الصحيح للتيسير في هدي البشير النذير..." ص (25) :
( هذا الزواج يسمونه عند الغربيين زواج "فرند" باللغة الأعجمية والله المستعان ، وعند المسلمين اخترعوا له اسماً يسمونه "زواج التيسير" –زعموا- وهو أن الإنسان ممكن أن يعقد على امرأة بغير بيت ولا إعلان نكاح ولا رعاية ، ولا كبير عشرة ، ولا تربية أبناء ، ولا شيئاً من أمور الزواج ، إنما اللهم مجرد العقد ، وهذا الزواج محدث!! في دين الله تعالى"
وقال ص (43)
المثال الثالث:
قوله "الصلاة خلف الشاشة ، أو نقل الشاشة من مسجد الرجال إلى النساء ،وفيه من الإعسار أنه محدث!! وأنه يفوت الخشوع وعدم النظر إلى موضع السجود".
وأضيف فأقول : يرى الحجوري جواز مخالفات ولاة الأمر في نظام الإقامة والدخول إلى البلاد الأخرى عن طريق غير نظامي للحج , ويرى القوانين الدالة على هذا الأمر محدثة ؟!!
أليس في هذا مخالفة لطاعة ولاة الأمور, ومخالفة لتقريرات أهل العلم الذين عدوا هذه الأمور هي من باب المصالح المرسلة , وحفظ الأمن.
قال الحجوري: "وأما هذه القوانين فهي محدثة جاءت قريبا , - ثم عقب فقال - ونحن نحث الناس أن يسافروا بالطريقة الرسمية التي هي آمنة"
فعند الحجوري السفر بغير هذه الطريقة جائز, مع مافيه من مخالفة النظام الذي أقره ولاة الأمور لتنظيم حياة الناس وحفظ الأمن.
هذه تقريرات إمام الثقلين فاعتبروا يا أولي الأبصار !!!
منقول من منتديات الوحيين السلفية