لازلنا على الدعوة الأم
محاضرة لفضيلة الشيخ الفقيه
أبي عبد الله
عبد الرحمن بن مرعي العدني
حفظه الله
أبي عبد الله
عبد الرحمن بن مرعي العدني
حفظه الله
والتي ألقاها في مسجد السنة
في قرية صلاح الدين بمديرية البريقة بمحافظة عدن
في ليلة 14 محرم لعام 1430 هـ .
في قرية صلاح الدين بمديرية البريقة بمحافظة عدن
في ليلة 14 محرم لعام 1430 هـ .
نعم عباد الله انظروا إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قدم المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار وأصلح بين الأوس والخزرج كانوا في عداء وكانوا في تناحر وكانوا في تدابر وكانوا في تقاتل , سفكت الدماء , ومع ذلك ما هي إلا أيام قلائل وإذا بهذه الجماعات المتنافرة وبهذه القلوب المتباعدة يصيرون كالجسد الواحد زكاهم ربنا عز وجل وأثنى عليهم فقال : (( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )) , وقال ربنا تبارك وتعالى : (( لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ(8) وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(9) وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )), وقول ربنا عزوجل : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )).
هذه أوصاف المؤمنين وهذه أوصاف أصحاب رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورضي الله عنهم أنهم تآلفوا وأنهم تواددوا وأنهم اجتمعوا على الحق المبين. اعتصموا بالكتاب والسنة فألف الله بين قلوبهم علينا أن نعلم عباد الله أن الذي يجمع بين القلوب هو التوحيد هو الاعتصام الصحيح بالقرآن والسنة , السنة عباد الله تجمع ولا تفرق , الإسلام يجمع ولا يفرق فإن حصل التفرق والعداوة والشحناء فلابد أن نعلم أن هناك خللاً وإلا فالسنة تجمع ولا تفرق هذا التدابر وهذا التفرق وهذا التمزق الذي يعاني منه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها إن السبب في ذلك هو عدم التمسك الصحيح بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهذا لا يعني أن أهل الجماعة الواحدة لا يختلفون ولا يتعادون قد يحصل بنزغات الشيطان , لكنهم لا يتجاوزون الحد أنا سني وأنت سني قد نختلف قد تكون بيننا أمور شخصية لكن لا يصل بأهل الحق إلى أن يبدع بعضهم بعضاً أو يكفر بعضهم بعضاً أو يفسق بعضهم بعضاً انظروا إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كيف تنازعوا , بعضهم وصل بهم التنازع إلى التقاتل بالسيوف ومع ذلك لم يؤثر عن أحد منهم أنه بدع الآخر أو فسق الآخر أوكفر الآخر تقاتلوا بالسيوف وسفكت الدماء ومع ذلك لم يتجاوزوا الحد , والله عزوجل يقول : (( .... وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )), وربنا تبارك وتعالى يقول : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )) , نحن مطالبون عباد الله بملازمة العدل والإنصاف مع الصديق والعدو مع القريب والبعيد في حال السراء والضراء في حال الألفة وفي حال النفرة فأنت مطالب بأن تنطق بالحق وأن تلازم الحق وأن تعض على الحق وأن تسير على العدل والإنصاف حتى يتوفاك الله عز وجل هذا الذي ينبغي علينا.
ولهذا نكرر عباد الله أن الذي يجمع بين القلوب إنما هو الذي بعث الله عز وجل به نبيه محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال الإمام مالك رحمه الله :"لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها" ما الذي أصلح أولها عباد الله إنه التوحيد الخالص , إنه التمسك الصحيح بالقرآن والسنة ما الذي أصلح أولها عباد الله إنه التخلي عن المذاهب والآراء والأطروحات والمبادئ غير كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال الله (( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ... ) تمسكوا بهذا القران وخذوا بهذه السنة وعضوا على هذا الحق خذوا بهذا النور واهتدوا بهدي نبيكم صلى الله عليه وعلى آله وسلم , سيروا على طريقته وعضوا على سنته واستنيروا بنوره وادعوا إلى طريقته ودعوته ومنهاجه عضوا على ما كان عليه نبيكم صلى الله عليه وعلى آله وسلم من عقيدة وعبادة ومعاملة ودعوة وأخلاق وآداب ومنهاج وتربية , قال الله : (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا) الأحزاب(21)هذا الذي ينبغي على أهل الحق قال الله)): وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً ... )), فيه التحذير من جميع المذاهب والتحذير من جميع الآراء والتحذير من جميع الطرق والسنن التي على خلاف كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فيه التحذير من البدع والأهواء هذه التي عصفت بالأمة وأذهبت بكثير منها عن الطريق السوي الذي رضيه لنا ربنا في كتابه ولهذا يقول ربنا:( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) .
هذه الدعوة المباركة - التي قادتها في هذا العصر- هم أولئك الأئمة , الذين مضوا وساروا إلى الله عز وجل- الإمام ابن باز والعلامة الألباني والعلامة ابن عثيمن والعلامة الوادعي رحمهم الله- ولا يزال بفضل الله لهذه الدعوة أئمة وأقطاباً ورموزا ومرجعية ترجع الأمة إليهم عندنا العلامة الفوزان وعندنا العلامة العباد وعندنا العلامة ربيع المدخلي وعندنا العلامة عبيد الجابري وعندنا العلامة محمد بن عبدالوهاب الوصابي وإخوانه من المشايخ حفظهم الله.
هذه هي الدعوة المباركة ليس عندنا جديد وليست عندنا مراجع جديدة وليست عندنا طريقة جديدة ندعوا الأمة إلى أن يلزموا غرز هؤلاء العلماء الذين جعلهم الله مصابيح للدجى ,جعلهم رجوماً لشياطين الإنس الذين يريدون أن يبدلوا و الذين يريدون أن يزيفوا و الذين يريدون أن يتلاعبوا بالأمة فلا أمان لهذه الأمة من الزيغ والانحراف , لا أمان لهم من البلايا والمحن والمصائب لا أمان لهم من هذه التخبطات ومن هذه الفتن التي حلت بمجتمعات المسلمين إلا بأن يلزموا غرز علمائهم هؤلاء العلماء.
الشيخ ربيع - حفظه الله تعالى - إمام من أئمة أهل السنة دوخ بالحزبين بجميع أشكالهم وأصنافهم من إخوان , وسرورية , وقطبيه وجمعيات حزبية , وهكذا من الحسنين وغيرهم دوخهم بسبب صدعه بالحق وقيامه بالحق وعضه على القرآن والسنة فصار بحق عند الجميع إماماً لهذه الدعوة المباركة نحن ندعوا الجميع إلى لزوم غرز هؤلاء العلماء ليس لنا علماء جدد ندعوا إلى لزوم غرزهم بل لازلنا على الدعوة الأم لازلنا على هذه الدعوة المباركة التي حفظ الله بها الجميع بسب لزوم أهلها لغرز علمائها قال الله : (( وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً )) ويقول ربنا : (( وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ )) سبأ(6) وقول الله عزوجل : (( .... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ )) ويقول ربنا تبارك وتعالى (( أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ )) ما يستويان والله لا يستوي من عرف الحق واستنار بنوره ولزمه وعض عليه واهتدى بهديه بين ذلكم المتخبط الذي لم يعرف الحق ولم يمش عليه.
فعلينا عباد الله أن نحذر من دسائس الأعداء أعداؤنا حريصون على تمزيق كلمتنا أعداؤنا من اليهود والنصارى وقبل ذلك عدونا الأكبر الشيطان الرجيم أليس حريصاً على تفريق جمعنا ؟ أليس حريصاً على تمزيق صفنا ؟ أليس حريصاً على إيقاع الشحناء والبغضاء فيما بيننا ؟ هل نشك في ذلك ؟ الجواب:(لا),قال الله عزوجل (( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء)) ويقول الله عزوجل: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً } وعن جابر قال سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ ((إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِى التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ((.رواه مسلم, لا نحقق -عباد الله- أمنية وأمل الشيطان فينا لا نحقق عباد الله أمنية وأمل أعدائنا من اليهود والنصارى قال الله عز وجل: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ(100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )) .ويقول الله عزوجل (( فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً )) ويقول الله عزوجل (( وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً )) .
أعداؤنا منذ فجر الإسلام إلى الآن وهم لا يزالون يخططون لأجل صد المسلمين عن دينهم بكل وسيلة وبكل حيلة بذلوا المليارات وجندوا الطاقات وفعلوا الأفاعيل وفعلوا المكر والتخطيط في سبيل صد المسلمين إن لم يستطيعوا أن يرجعوهم على أعقابهم القهقرى فلا أقل من أن يزرعوا بينهم الشحناء والبغضاء , أن يجعلوهم في تناحر في تشاغل أهل الدعوة الواحدة , أهل الطريقة الواحدة قرآن وسنة دعوة نبينا- صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ينشغل بعضهم ببعض تجريحاً وتبديعاً وتفسيقاً وتكفيراً هذا لا يجوز .
عباد الله هذا الذي يريده منا أعداؤنا إذا استجبنا لمخططاتهم وإذا حققنا أمنياتهم فإنهم ينتصرون علينا قال الله عز وجل : (( وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )) ما هي ثمار التنازع والاختلاف إنه الفشل, الفشل أمام الأعداء ولو كانوا قلة قليلة,انظروا إلى أرض فلسطين مجموعة قليلة حاقدة كافرة ملحدة استطاعوا أن يتغلبوا على العالم الإسلامي بما فيه من المليارات ما هو السبب إنه غفلة المسلمين ما هو السبب ؟ إنه تفرق المسلمين ما هو السبب ؟ إنه عدم الاعتصام والتمسك الصحيح بهذا الدين , وإلا فالله يقول (( ... كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )) والله يقول : (( إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ )) , الله عز وجل قادر على أن ينزل عذابه وبطشه ونقمته على هؤلاء الكفار قال الله (( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )) لكن هذه سنة الله أن يبتلي عباده حتى يتميز الصادق من الكاذب حتى يتميز المؤمن من الكافر قال الله (( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ )) الله عز وجل قادر لكن لابد من عمل بالأسباب .
فعلينا عباد الله أن نرجع جميعا وأن نتوب إلى الله عز وجل من ذنوبنا هذه الذنوب التي هي سبب تفرقنا وتمزقنا قال الله عز وجل (( وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ )) هكذا أخبر الله أن التفرق الذي حصل في صفوف النصارى إنما هو بسبب نسيانهم وإضاعتهم لشيء مما أمروا به فكان من ثمار ذلك أن حصل بينهم العداوة والبغضاء والشحناء , فندعوا الجميع إلى تقوى الله عز وجل , ندعوا الجميع إلى مراجعة النفس ندعوا الجميع إلى لزوم الحق , ندعوا الجميع إلى التخلي عن الآراء والأهواء أن نتخلى جميعاً عن أهوائنا , عباد الله الهوى خطير الهوى يردي , الهوى يهلك , الهوى يضل , قال الله عز وجل (( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ )) , قد يأتي الهوى بصورة التنطع والتشدد و قد يأتي الهوى بصورة التساهل والتميع قد يأتي الهوى بصور مختلفة فعليك يا عبد الله إذا أردت النجاة من الفتن أن تلزم الحق و تعض عليه وان تحذر من الفتن علينا أن نعتبر من يوم ما عرفنا أنفسنا في هذه الدعوة المباركة قبل ثماني عشر سنة انظروا ما أكثر الفتن التي حلت بالمجتمع فتنة ما يسمى بالجهاد فتنة ما يسمى التجمع فتنة ما يسمى بالجمعيات فتنة ما يسمى بكذا فتنة ما يسمى بالغلو الذي كان رأسه في هذا العصر الحداد ومن سار على طريقته وفتنة أبي الحسن وهكذا فتن كثيرة متعددة منهم من سقط من طريق الغلو والتشدد ومنهم من سقط من طريق التميع والتساهل , العبرة هو التخلي عن الهوى قال الله مخبرا عن أهل الكتاب (( ... أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ )) وهكذا يقول الله عن كفار مكة (( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ(1) وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ(2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ(3) وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ(4 ) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ )) , من اتبع هواه ما تنفع معه الآيات البينات ولو كانت كثيرة ما تنفع معه القوارع لا القرآنية ولا النبوية من اتبع الهوى قال الله عزوجل : (( فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) , ما عندنا إلا أمران إما إتباع للحق أو إتباع للهوى فأهل هذه الدعوة المباركة من فضل الله قد تربوا منذ نعومة أظافرهم على الخضوع للحق وعلى الإذعان للقرآن والسنة وعلى التحاكم للوحيين قال الله(( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )) وقال الله(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )) وقال الله عز وجل (( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ))
هل هناك مشكلة ليس لها علاج في ديننا هل هناك مشكلة ومعضلة ليس لها علاج في ديننا هذا تصور الجاهلين وهذا تصور الزائغين أن تظن أن هناك مشكلة وليس لها علاج والله ما من مشكلة صغيرة أو كبيرة في الدماء في الدعوة في المنهج في التربية في الاختلافات المالية إلا ولها علاج قال الله (( وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً )) , قال الله (( ... وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ )) , وقال ربنا (( ... وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )) , كتاب الله شفاء قال الله :(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ )) , ويقول الله (( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً )) , هل بعد ذلك نظن أن هناك مشكلة ومعضلة ليس لها علاج , نبحث عن العلاج من أهل الشرق والغرب , ننتظر العلاج والحل من أعدائنا , من المناوئين لدعوتنا , الحمد لله عندنا مرجعية عندنا علماء أجلاء ساعون في إخماد الفتن وساعون في جمع الكلمة في مشارق الأرض ومغاربها وهذا الذي ينبغي على المسلم أن يحدث نفسه أن الله يجمع به الكلمة هذه أعظم عند الله من فضل صلاة النافلة ومن فضل صوم التطوع ومن فضل الحج والعمرة التطوع والله هذا أعظم أن تحل مشاكل المسلمين وأن تألف بين قلوبهم وأن تجمع كلمتهم على الحق عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ " قالوا بلى يا رسول الله قال " إصلاح ذات البين وفساد ذات البيت الحالقة " رواه أبو داود.
أعلى وأجل وأرفع من درجة الصيام والصدقة إصلاح ذات البين والله يقول: (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) والله يقول: (( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) .
فعلينا عباد الله أن نستسلم لشرع رب العالمين وألا نتقدم على شرع الله بأهوائنا ولا نتقدم عليه بأذواقنا ولا نتقدم عليه باستحساناتنا ولا نتقدم عليه بالتعصبات التعصبات خطيرة .
عباد الله قال الله (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ )) , بعضهم ما يفكر بعقله إنما ينظر ماذا يقول غيره ,عليك يا عبدالله أن ترجع إلى هذه المراجع ترجع إلى هؤلاء الأئمة , أن تحترم العلماء وأن تتق الله عز وجل في نفسك وفي دعوتك وأن تعلم أن العلماء أغير على دين الله والله عز وجل أغير منهم ,
قد رأينا بالتجربة والمشاهدة أنه ما من مندس في هذه الدعوة المباركة إلا ويفضحه الله تبارك وتعالى إما عاجلاً و إما آجلاً ليس لنا إلا الظاهر من قال سمعنا وأطعنا قلنا الحمد لله والله عز وجل يتولى السرائر .
فنصيحتنا لإخواننا في كل مكان أن يتقوا الله وأن يسعوا في جمع الكلمة وأن يسعوا بين الأطراف المتنافرة والمتناحرة إلى أن يتآخوا وإلى أن يتواددوا وإلى أن يتخلوا عن البدع والمعاصي والخرافات نسأل الله عز وجل للجميع التوفيق والسداد.
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم