كلمة الشيخ العلامة محمد بن عبدالوهاب الوصابي حفظه الله
في اجتماع مشايخ أهل السنة بمسجد الخير بصنعاء 2 - 11 - 1429 هـ
عباد الله يقول الله سبحانه وتعالى : " والعصر إن الإنسان لفي خسر إلأ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" ويقول سبحانه وتعالى : " ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " بعض الناس يقرأون هذه الآية ولا يفكرون في معناها بدليل أنه إذا فتن تعجب واستنكر واستعظم وكأنه ما قرأ الآية " أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون " تظن هذا أنك تكون مؤمن ثم لا تبتلى ولا تمتحن " ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " ويقول سبحانه وتعالى : " تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا " ليختبركم وليمتحنكم , إذاَ فلا غرابة أن تبتلى وأن يبتلى غيرك وأن يبتلى جميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من الإنس والجن منذ أن خلق الله آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وأنت تبتلى بعدة إبتلاءات , وهل هذا الدين إلا إبتلاء ؟ أنت متبلى بهذا الدين وهل هذه الصلاة إلا ابتلاء واختبار وامتحان وتمحيص ؟ وهل صوم رمضان إلا إبتلاء من الله يختبر عباده به من يصوم ومن لا ؟ من يخلص في صيامه ومن لا ؟ من ينضبط بالأحكام الشرعية في صيامه في صلاته في جميع دينه ومن لا ؟ وهل الحج إلا ابتلاء ؟ وهل الزكاة إلا إبتلاء ؟ جميع أحكام الدين إبتلاء " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " صاحب المال مبتلى بماله وصاحب الفقر مبتلى بفقره " ونبلوكم بالخير والشر فتنة " وصاحب الصحة مبتلى وصاحب المرض مبتلى وصاحب الأولاد مبتلى والذي لا ولد له مبتلى وصاحب الزوجة مبتلى ومن لا زوجة له مبتلى , فالدنيا كلها إبتلاء فأنت تتنقل من فتنة إلى أخرى إلى ثالثة إلى رابعة إلى أن تموت , آخر فتنة فتنة الموت " اللهم إنى أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال " آخر فتنة فتنة الموت وما تأتي فتنة الموت إلا وقد مررت على الآلاف المؤلفة من الفتن , لهذا ينبغي أن تتعلموا فقه الفتن , كيف تتعامل معها على ضوء الكتاب والسنة .
إن الله سبحانه وتعالى يقول في قصة الإفك " لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم " جعله الله فتنة وابتلاء واختبار وتمحيص وتأخر الوحي خمسون يوما لا ينزل في أمر هذه القصة إبتلاء من الله واختبار وتمحيص للرجال , عرض الرسول عليه الصلاة والسلام ينتهك من قبل بعض المنافقين وممن اغتر بكلامهم , فالرسول ابتلي في هذه القصة وكذلك عائشة وأبوها وأمها وأسرتها والمؤمنون والمنافقون , " لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم " كيف تتعامل مع الفتنة إذا جاءت ؟ هل تتعامل معها معاملة شرعية على ضوء الكتاب والسنة ؟ أم بالهوى والجهل والعاطفة ؟ فتأخر الوحي تلك الفترة إبتلاء من الله سبحانه وتعالى ولو أراد الله أن ينزل براءة عائشة في لحظات لكان لكن ما جاء إلى بعد فترة إبتلاء للرجال وللنساء , من سيخوض فيما لا علم له ؟
" ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسؤولا " تطبيق عملي للكتاب والسنة تأتي الفتنة فالمؤمن يطبق الكتاب والسنة تطبيقا عمليا , لا يكفي العلم النظري حتى يأتي بعده العلم العملي , فمنهم من أمسك لسانه وقال " سبحانك هذا بهتان عظيم " ما يكون لي أن أتكلم بهذا , ومنهم من أطلق لسانه فلا غرابة أن تأتي الفتن فتنة بعد أخرى وفتنة بعد أخرى , لا غرابة لأننا نعيش في دار الفتن في دار الإبتلاء والإختبار والتمحيص لسنا في دار الجزاء , دار الجزاء تلك الجنة أما الدنيا فهي دار امتحان واختبار وتمحيص للرجال والنساء والإنس والجن .
وقد كنا ظننا أن الناس حين جاءت الفتنة الأولى ظننا أنها تكون كافية لإخواننا أهل السنة في أن يتريثوا ولا يتعجلوا في أن يهدأوا وفي أن يصونوا ألسنتهم ويحفظوا أوقاتهم ويستمروا على الخير الذي هم فيه , لأنه حصل في تلك الفتنة الأولى خوف فظننا من باب حسن الظن أن هذا يكفي حتى يتوفاهم الله , ماهي إلا فترة وجاءت الثانية وإذا بأناس يركضون فيها ويخوضون , يا سبحان الله !! قد نسوا ؟ ما أخذوا دروسا كافية مما مضى ؟ فتأكد لنا أن إخواننا من طلبة العلم ومن غيرهم بحاجة ماسة إلى أن يفقهوا وأن يعلموا فقه الفتن من الكتاب ومن السنة , وذلك أنه إذا جاءت فتنة الأصل أن الطلاب وأن العامة لا يخوضون فيها وإنما يعيدونها إلى أهل العلم , بهذا علمنا الله وأدبنا وأدب من قبلنا ـ أصحاب نبينا عليه الصلاة والسلام ـ كما قال الله " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا " " إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف " ليس فقط من الخوف بل أيضا ومن الأمن إذا جاءهم أمر من الأمن من الخوف (أذاعوا به ) نشروه وأذاعوه ( ولو ردوه) إذاَ فيه رد فيه رجوع , هنا مرجعية للأمة وهم العلماء والعقلاء من أولي الأمر وإلا كانت الفوضي وتفاقمت الفتن واتسعت لكن علّم الله عباده ماذا يصنعون عند حلول الفتن ! الرجوع إلى أهل العلم , وكم نضرب من أمثلة في محاضرات سبقت ودروس مضت عن فتنة الشيوعية ومن بعدها الإشتراكية والبعثية والناصرية , قلنا جاءت فتن لو أن الناس رجعوا إلى أهل العلم لحفظهم الله ولوفقهم لكن تجد بعض الناس تقبلها , قالوا شيوعية قبلها , يا الله سلّم , إلى هذا الحد ؟ أنظر عند عدم التربية ماذا يكون ؟ المسلمون بحاجة إلى تعليم وإلى تربية على الكتاب وعلى السنة , جاءت الأشتراكية تقبلوها , أين الرجوع إلى إهل العلم المتمسكين بالكتاب والسنة ؟ ( ولو ردوه إلى الرسول ) عليه الصلاة والسلام وهذا في حياته وبعد مماته إلى سنته ( وإلى أولي الأمر منهم ) وهم صنفان علماء وأمراء ( لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ) مهما جاءت من فتن فهناك رجوع إلى أهل العلم سواء كانت بين عالمين أو بين فئتين أو قبيلتين أو جاءت عقيدة أو منهج يرجع فيه إلى أهل العلم , يا إخوان لكل داء دواء وما أنزل الله داء ألا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله , لكل داء دواء , الفتنة داء دواءها الرجوع إلى أهل العلم والإستبصار فيها أما أن يبقى هذا يركض وذلك يركض هذا الطالب وذاك الطالب وهذا العامي وذاك العامي وهذه المرأة وتلك المرأة , أصبحنا مثل أصحاب الكرة , أين الأدب أين العلم أين تقوى الله أين العلم بالكتاب وبالسنة ؟ ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصروالفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) إذا كان الله يقول ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) سماهم مؤمنين والإيمان أرفع مرتبة من الإسلام إذا كان مؤمن فالمسلم من باب أولى , وقال ( اقتتلوا) ما قال تسابوا , السب من باب أولى ( اقتتلوا فاصلحوا بينهما ) إلى آخر الآية فقد يحصل بين شخصين مناورات في الكلام ومشادة وهذا يتظلم وذاك يتظلم وهذا يبكي وذاك يبكي وهذا يدعي وذاك يدعي , من لهذه الفتن إلا أهل العلم فالعالم ما يسمع من طرف واحد وإنما من الطرفين بخلاف العامي , العامي والطالب قد يسمع من طرف واحد ثم يحكم وهذا من الخطأ .
فأنا أعجب على كثير من الناس كيف يحمّل نفسه عبئا كبيرا قد عافاه الله منه ويركض وينطح ويحكم ويجزم ويقطع , والله قد عافاه من هذا, لست عالما لست حاكما لست قاضيا , قل الحمد لله الذي عافاني , إذا كان الرسول يقول عليه الصلاة والسلام : (القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة ) وهم قضاة , أنت لست بقاضي , أنت عافاك الله من هذا الأمر, تحشر نفسك فيه ؟ القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة القاضيان اللذان في النار أحدهما قضى بجهل حتى لو أصاب الحق صدفة , هو في الأصل ما قضى إلا بالجهل هذا في النار حتى لو أصاب الحق من باب الصدفة , كيف يجرأ ويدخل في أمر ما عنده فيه علم ويقضي ـ يقول فلان مصيب أوفلان مخطئ أو فلان محق أو فلان مبطل ـ قال هذا في النار, كيف يا طالب العلم كيف أيها الأخ الكريم العامي انتبه , والثاني الذي في النار عنده علم لكن حاص ومال عن الحكم به , قضى بغير العلم , أيضا في النار , الأول بجهله والثاني لأنه خالف العلم والذي في الجنة واحد , قاضي عنده علم دخل في القضية بعلم ونور وهدى وبصيرة وقضى به ولم يخالف العلم الذي عنده , هذا في الجنة , فكر أنت في نفسك إذا كنت ممن خضت في مثل هذه الفتن وصحّحت أو خطّأت , جرّحت أوعدّلت , من أي الثلاث أقسام أنت ؟ .
فهذه المحاضرة وهذه النصيحة أنا أقصد منها نصيحة طلبة العلم والعامة من الرجال ومن النساء ولا أريد بها الفتنة هذه بالذات لأنكم قد عرفتم في المقدمة أنك ستعيش في فتن حتى يتوفاك الله من فتنة إلى فتنة حياتك وحياة كل أنسان كلها فتنة كلها اختبار كلها تمحيص (... كلام غير واضح في الشريط ...) العالم مبتلى هل سيتواضع ؟ هل سيعلم ؟ هل سيعلم مما علمه الله ؟ والطالب مبتلى هل سيواصل طلب العلم يبتغي به وجه الله ؟ ماذا يريد بطلبه للعلم ؟ والعامي مبتلى هل سيسأل أهل العلم فيما يشكل عليه أم أنه سيفتي نفسه ولا يبالي بالفتوى ؟
أنتم في ابتلاء فالذي أنصح إخواني طلاب العلم عموما وبقية الناس أيضا بحفظ الألسن وعدم الخوض , قولوا الحمد لله الذي أكرمنا بعلماء على الكتاب وعلى السنة , علينا أن ندعوا الله لهم بالتوفيق والسداد وأن يعينهم الله على إصابة الحق فقط , لا نتقدم بين يدي علمائنا هذا هو الأدب , هذا هو العلم , وهذا والله سينفعكم حتى الموت إن شاء الله كلما جاءت فتنة أنت قد تربيت تعلمت وتربيت , قالوا حصل وحصل وكان وكان , تقول والله ما أنا عالم هذي الأمور مرجعها العلماء وأنا سأسأل وسأستفيد كما أمرني بذلك ربي بقوله ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ( فاسأل به خبيرا) ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) إن الله يقول ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ) وهم الصحابة رضي الله عنهم إلى قيام الساعة لا تقدموا بين يدي الله ورسوله وكذلك العلماء هم ورثة الأنبياء لا تتقدم بين يدي ورثة الأنبياء , أين التواضع ؟ بعض الناس يحب ان يتقدم , فنقول له أين التواضع ؟ أين كونك تعرف لأهل العلم حقهم وقدرهم ؟ تعرفون منزلة العلماء المنزلة التي أنزلهم الله إياها في كتابه وعلى لسان رسوله عليه الصلاة والسلام , كم من آيات وكم من أحاديث في فضل العلم وأهله ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم ) إلى غير ذلك , لولا أن الله مدح العلماء يمكن ما حصّلوا المدح من الناس مثل مدح الله , بعض الناس لا يمكن يمدح العلماء وإنما يذمهم إلا من رحم الله ولكن الله عز وجل قد أغنى العلماء عن مدح الناس أو عن مدح البخلاء من الناس , الله مدحهم بنفسه وزكاهم بنفسه , رفع قدرهم بنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله وإن رغم أنوف من أبى , إعرف قدر نفسك والله يا إخوان الذي يتقدم بين يدي العلماء ويركض ويخوض في الفتن والله ما يضر إلا نفسه , يا هؤلاء فكروا في فتنة أبي الحسن كم رجع من أناس ضاربين على رؤوسهم عاضين على أصابعهم نادمين ,كم ؟!! والسبب في ذلك التعجل والتقدم بين يدي أهل العلم والخوض والركض وهذه الظاهرة لا تبشر بخير ـ ظاهرة التقدم بين يدي أهل العلم والتجرأ على الفتوى ـ أعني بالفتوى قول العامي فلان على الحق وفلان على الباطل , هذه فتوى , فلا ن محق وفلان مبطل فلان كذا وفلان كذا , هذه فتوى , التجرأ على الفتوى هذا ما يبشر بخير ومعنى ذلك أن الناس حتى الآن ما استفادوا من العلم إلا من رحم الله , يا أخي من تواضع لله رفعه الله وإذا جاءك إنسان يريد منك أن تركض معه وأنت ـ أيش تقول في كذا وكذا ـ قل له يا أخي إتق الله , يا أخي الفتوى لأهل العلم ما هي لمن هب ودب ـ وأنت ما رأيك وأنت ايش تقول ـ قل ما أنا إلا فرد من أفراد المسلمين وفرد من أفراد أمة محمد صلى الله عليه وسلم , لو كان الأمر هكذا ما كان قال الله للصحابة وهم أفضل الخلق بعد الأنبياء ما كان قال لهم ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه ) صحابة هؤلاء , خلهم يقولوا على هذا المذهب , أفضل البشر بعد الأنبياء والرسل لكن , لا, مهما كان فالعالم له منزلته والطالب له منزلته والعامي له منزلته ( ولكل درجات مما عملوا) بهذا تنضبط الأمور , تنضبط الوسائل , يحفظ الدين , يكون لأهل العلم مكانتهم وكرامتهم , يعرف العامي قدره والطالب قدره ويعرفون قدر علمائهم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) يقول ( ليس منا) وهذه الصيغة عند أهل العلم معناها أن هذا الفعل من كبائر الذنوب , ما قال ( ليس منا) إلا لأنه كبيرة من الكبائر, الذي ما يرحم الصغير أو ما يوقر الكبير أو ما يعرف للعالم قدره ومنزلته هذه كبيرة , من الكبائر وبعض الناس حتى في مسائل الطلاق ومسائل الإعتقاد يجد شخصا أمامه يقول : كذا وكذا ما رأيك ؟ أقول لزوجتى كذا وكذا ـ يقول لصاحبه للعامي ـ وذلك يقول له كذا وكذا , لا حول ولا قوة إلا بالله , إلى هذا الحد وصلنا ؟ الله يقول ( فاسألوا أهل الذكر) ما قال فاسألوا من وجدتموه, ما قال أسألوا الناس ولا قال من وجدته صاحب عمامة وصاحب لحية , قد يكون صاحب عمامة وصاحب لحية وكثر الله خيره لكنه ماهو عالم , ولا قال من رأيتموه يؤذن ويصلي بالناس قد يكون يؤذن ويصلي بالناس كثر الله خيره محب للخير , قال فاسألوا (أهل الذكر) والذكر الكتاب والسنة يعنى أهل العلم (إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر) .
فهذه الفوضى التي يعيشها الناس اليوم فوضى لا تبشر بخير, خطيرة , كون هذا يخوض وهذا يخوض فيما لا يعلم وقد سمعتم قول الله (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) فإذا وقفت يوم القيامة بين يدي الله وسألك الله , يا عبدي أنت قلت كذا وكذا , أنت فعلت كذا وكذا , وسألك وناقشك وحاسبك فماذا تقول لربك ؟
أنقلب الناس اليوم كل واحد منهم مجتهد هذا مجتهد وهذا مجتهد , أيش مجتهد !! يعني وصلوا رتبة الإجتهاد , يا سبحان الله , فيا عباد الله اتقوا الله في هذا الدين في هذه الأمة في بعضكم بعضا اتقوا الله في العلماء فإن الله سائلكم عن هذا الدين كما قال الله ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) هذه الفوضى التي نعيشها , عودوا إلى عهد السلف هل كانت هكذا ؟ أي حاجة كل الشارع يتحرك ؟ الرجال والنساء يخوضون فيما لا يعنيهم وقد أدبهم الرسول وعلمهم كما قال عليه الصلاة السلام " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " شيء ما يعنيك من حسن إسلامك ومن حسن إيمانك أنك تتركه , شيء للعلماء دعه للعلماء شيء للتجار دعه للتجار شيء للأطباء دعه للأطباء , بعض الناس يخوض حتى في مسائل الطب , في مسائل التجارة , في مسائل السياسة يعنى أيش !! المسألة مكابرة ؟! المسألة إعرفوني أني أعرف كل شيء؟! يا سبحان الله , أين أصحاب الإختصاصات وأين إحترام أصحاب الإختصاصات , يا أخي إنسان أفنى عمره في الدراسة في مجاله وأنت تركب بأسك بين عشية وضحاها وتريد أن تناطح الجبال .
حفظ اللسان ـ الشيخ فلان قال في فلان كذا وكذا ـ هذا راجع للعلماء إن كان مصيبا فهم ما سيتكلمون معه وإن كان بهتانا ناصحوه , أما أنت طالب أو عامي هذا شيء لا يعنيك مع أن بعض العوام من تدخل في حرفته بالخطأ يزعل عليه ويقول أنت ما تعرف وأنت ما تفهم وأنت غشيم , حرفة من أمور الدنيا , طيّب تسأل في طبخة أو في مهنة من أمور الدنيا وأمر الدين مباح ؟! من جاء خاض فيه ؟! الدين ماله كرامة ؟! العلماء مالهم كرامة ؟! تهان كرامة الدين بين أهله وتهان كرامة العلماء بين أهلهم , هذا هو ما نخشاه , نخشى من عقوبة الله فلا تأمنوا مكر الله في هذه الأمطار التي تسحق , هذه ذنوب ونحن ما نزكي أنفسنا وإن كانت تخبطات عند الآخرين من غير أهل السنة تخبطات لا يعلمها إلا الله لكن أيضا نحن معاشر أهل السنة ما نزكي أنفسنا عندنا أخطاء وهذه الفوضى من الأخطاء ـ كون الطالب يتقدم بين يدي العالم والعامي يتقدم بين يدي العالم ـ هذه من الأخطاء ومن المعاصي وقد سمعتم من الحديث ليس منا من لم يعرف لعالمنا حقه هؤلاء ما عرفوا حق علمائهم .
بهذا تنحصر الفتنة وتنتهي , فلان العامي جزاه الله خيرا عرف قدر نفسه سحب نفسه من الموضوع وقال لست عالما ولا قاضي محكمة , كلام صحيح , وفلان الطالب سحب نفسه من الموضوع قال لست في العير ولا في النفير لا أنا عالم ولا قاضي محكمة , الله قد عافاني , العالم ابتلاه الله بعلمه وابتلاه الله بالفتوى وبسؤال الناس والقاضي ابتلاه الله بالقضاء , من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين , يعني السكين مريحة , هذا بغير سكين , عذاب شديد وأنت عافاك الله وقلت أنا أعرف قدر نفسي وفيما يشكل علي أسأل العلماء , وبشرط السؤال عبادة تبتغي به وجه الله تخلص نيتك لله , لا تسأل سؤال تعنّت ولا سؤال لكثرة الزوابع والمشاكل والفتن , والله سبحانه وتعالى يعلم المصلح من المفسد , الله أعلم بجميع خلقه .
فاتقوا الله يا عباد الله وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر , احرصوا على طلب العلم وتمسكوا بالكتاب والسنة وإذا جاءت أي فتنة الرجوع إلى أهل العلم الذين رفع الله قدرهم , إذا كان الله يقول " شهد الله أنه لا إله إلا هو " الله شهد لنفسه بالوحدانية واستشهد بشهادة ملائكته وقال " والملائكة " أي وشهد الملائكة أيضا لله سبحانه وتعالى بالوحدانية و أنه واحد لا شريك له قال " وأولو العلم " ثلّث بشهادة العلماء وأنهم يشهدون لله بالوحدانية وأن الله واحد لا شريك له فهذا الإستشهاد فيه رفع لمنزلة العلماء , الله يرفعهم وأنت تسقطهم !! يا ويلك من عذاب الله , أنت معاند أنت مضاد لله , الله يرفع قدر العلماء وأنت تنزل قدرهم , الله يقول " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " وأنت تسبّهم ؟ الله يقول " إنما يخشى الله من عباده العلماء " وأنت لا تبالي بهم هذا والله من المرض نعوذ بالله منه ومن الفتن , من عمل الشيطان فلا تأمن أن يبتليك الله لأنك أنت عاق للعلماء فلا تأمن أن يبتليك الله بامرأة عاقة وبأولاد عاقين وببنات عاقات والجزاء من جنس العمل وبعمال يشتغلون عندك عاقين وبإخوان لك عاقين وكل من حولك عن يمين وشمال كلهم يعصونك عقوبة من الله وهذا في الدنيا وفي الآخرة الله أعلم ماذا بقي .
اتقوا الله ولا تعقوا أهل العلم , إذا قال قائل : فلان عالم نقول : فلان عالم قال في فلان كذا وفلان الثاني عالم , هذه المسائل العلماء يحلونها بهدوء , إذا تأدب الطلاب وتأدب العوام فالمسألة سهلة جدا , العالم إذا اجتهد وأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر , والمسألة سهلة , الآن الخطأ ما هو بين عالم وعالم هذا ما هو خطأ , الخطأ بين تدخل العوام والطلاب من الرجال والنساء , أراد أن يكحلها عورها , يا سبحان الله فين العين قال : اعتورت , أنت أردت أن تكحل العين , فأنت الآن عورتها وراحت , يا ليتك ما كحلتها , مثل واحد في شهر رمضان يوم جمعة بعد صلاة العصر صلى الرجل في المسجد الجمعة وارتاح إلى العصر وصلى معهم العصر وخرج وكأنه حصلت مشكلة بينه وبين بعض أولاده , تدخل واحد من الناس ليصلح بينهم فقتل الأب , هذا المصلح ؟ هكذا يكون الصلح ؟ تقتل نفسا حرمها الله في شهر رمضان والرجل صائم ؟ في يوم جمعة وبعد صلاة العصر في وقت الإجابة ؟ نعوذ بالله , نسأل الله العافية , حتى وإن كان ما هو متعمد .
يعنى بعض الناس يدخل في أشياء ما يحسن التدخل فيها فالله الله يا عباد الله , اتقوا الله يا معاشر الطلاب سواء ممن هو حاضر أو ممن سيبلغه هذا الخير العظيم وهكذا العوام اتقوا الله ممن حضر وممن سيسمع , أي فتنة الرجوع إلى العلماء وقل اللهم إني أعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن , وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه هذا , وبعض الناس مثل الآن يحشر نفسه في الفتن حشرا , اللهم إني أعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن , وكان يقول عليه الصلاة والسلام : " إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلي فصبر فواها " رواه أبوداود من حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه , يكرر الرسول هذا ثلاث مرات " إن السعيد لمن جنب الفتن " أنت إذا تجنبت أي فتنة من الفتن فأنت سعيد أنت من السعداء , وهذا يترك الأحاديث ويحشر نفسه حشرا فيها , فأنا متأكد لو أن الأمر انحصر بين فلان وفلان , فلان قال في فلان كذا ولم يتدخل العامة ولا الطلاب فالمسألة سهلة , من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر , والعلماء ينظرون المصلحة جزاهم الله خيرا ويصلحون بينهم وانتهت , لكن المشكلة تدخل العوام والطلاب , أرادوا أن يصلحوا أو الله أعلم بنياتهم , وإن كان هم يختلفون بنياتهم لكن مهما كان حتى لو كانت النية صالحة لا بد معها من صلاح العمل , لأن صلاح النية وحده ما يكفي , العمل لا بد يجتمع فيه صلاح النية وصلاح العمل , صلاح الظاهر وصلاح الباطن , أما كون النية طيبة والعمل خطأ هذا ما يكفي , العلماء والرجوع إلى أهل العلم في جميع المسائل , تأتي مسألة يكون الرجوع فيها إلى أهل العلم , قالوا مثلا تجنيد المرأة والمرأة تكون عسكرية وتكون وتكون وعندها البدلة العسكرية , فلو أن آباء البنات قالوا والله نعود إلى العلماء , ما تعجلوا بذهاب بناتهم , لكن المشكلة كما قلت لكم تقدم بين يدي العلماء وتقدم بين يدي الله ورسوله , تقدم بين يدي الدين , تحكيم للعقول تحكيم للدنيا , للهوى , للهوس , إلا من رحم الله , ذهب بابنته وسجلها عسكرية , أين الرجوع للعلماء أين فتوى أهل العلم ؟ أين امتثالك لأمر الله لأمر رسوله عليه الصلاة والسلام , وهكذا المرأة أيضا كونها تخرج باللبس العاري وبالكعب العالي أين رجوعها إلى أهل العلم أين سؤال العلماء عن هذا الأمر ؟ التلفزيون ما هو مفتي والبث المباشر ماهو مفتي والصحيفة والجريدة والمجلة ماهي مفتية وفلان المثقف كما يقولون ماهو مفتي , الرجوع إلى العلماء , لا تعمل شيئ إلا وتعود إلى أهل العلم , لكن هذا الأمر وافق هوى في نفسها فعملت به .
فنقول الله الله يا عباد الله احمدوا الله أن جعل فيكم علماء يعلمون الكتاب ويعلمون السنة جزاهم الله خيرا ويحبون الخير للناس , نسأل الله أن يأجرهم وأن يثيبهم , هذه والله نعمة من الله , ودعوة أهل السنة في اليمن بالذات دعوة مباركة دعوة كريمة دعوة نفع الله بها في حياة شيخنا الوالد المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمة الله عليه وبعد مماته , ولا تزال من فضل الله تؤتي ثمارها في القرى والمدن وفي كل مكان , ونحن بشر لسنا ملائكة الخطأ وارد علينا كما سمعتم الآية الكريمة " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " إلى أن قال " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون " مع وجود الإقتتال , الخطأ وارد , كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون , ونحن بشر ولسنا بملائكة لكن الذي يصعّد الأمور ويؤزّمها هم العامة والطلاب إلا من رحم الله , وأنا لا أقول كل العامة ولا كل الطلاب فهناك عامة جزاهم الله خيرا يشكرون على حسن أدبهم وأخلاقهم وتأدبهم مع العلماء , وكذلك هناك أيضا طلاب يشكرون على حسن أدبهم وأخلاقهم وهم كثير من فضل الله ليسوا بقليلين من الطلاب ومن العوام يشكرون على هذه المواقف الطيبة , وهناك بعض من الطلاب وبعض من العوام قد يخوضون فيناصحون ويذكرون , تسمعهم هذا الشريط والشريط الآخر والكتاب والفائدة ولا تيأس , مؤكد أن بعض الناس إذا سمع النصائح والتوجيهات فإنهم إن شاء الله يقبلون ويعودون , والتائب من الذنب كمن لا ذنب له , ومن تاب تاب الله عليه , قال الله عز وجل : " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " إذا كان إلى حد المضاربة , يا سبحان الله هذا سني وهذا سني وهذا طالب علم وهذا طالب علم , وترفع ذراعك على أخيك المسلم في مسألة الله ما كلّفك أن تحكم فيها يا سبحان الله , أو تطلق لسانك على أخيك المسلم المحترم عرضه في مسألة الله ما كلّفك بها فهذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقني وإياكم وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه , وأن يثبتنا جميعا على طاعته , وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .
منقول من منتديات الوحيين السلفية