التفريغ :
السؤال:
شيخنا سائلٌ كريم يقول: ما رأي فضيلتكم في من يقول أن التعامل مع اليهود والنصارى داخلٌ في معنى الولاية، وأنه لا يمكن أن نتعامل معهم بدون مودة، فالذي يقول: لا تحصل مودة في التعامل معهم، يكذبُ على نفسه.
الجواب:
لا شَكَ في عداوة اليهودِ وسائر الكفَّارِ للمسلمين، ومن تولَّهُم بقلبه وأحبهم وأحب دينهم؛ فلا شكَ في كفره؛ لأن الموالاة على ثلاثة أنواع:
o هناك من يجب توليه مطلقًا، وتجب محبته ومودته ونصرته بلا قيدٍ؛ وهم الأنبياء وأتباعهم من المؤمنين الخُلَّصْ، أهل الإحسان، وأهل التُقى والورع؛ فهؤلاء تجب موالاتهم بكل حال، بدون أي تحفظ، {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[1]
o وهناك من يجب بغضه مطلقًا، وتحرُمُ مودتُهُ وموالاته بأي حالٍ من الأحوال، وتحرُمُ محبته، ولا تجوز بحالٍ من الأحوال، ومن أحبهم بقلبه وودَّهم وناصرهم من أجل دينهم؛ فلا شك في كفره، ومروقِهِ من الدين، بعد قيام الحجة عليه.
o وصنفٌ ثالث: يحبون من وجه، ويبغضون من وجهٍ آخر؛ وهم عصاةُ المؤمنين، والفُسَّاق من أهل الإسلام، فهؤلاء يُحَبُون على قدر ما عندهم من إيمان، ويُبغَضون على قدر ما عندهم من مُخالفاتٍ شرعية، وفسوقٍ وعصيان.
وبناءً على هذا التقسيم الذي ذكره العلماء؛ فإن الموالاة على أربعةِ أقسام:
· موالاةٌ كفرية، وهي مودة الكفار من أجل دينهم، ومحبتهم بالقلب ديانةً، وقد يترتب عليها تمني انتصارهم على المسلمين. فإذا أحبَّ الكافر، وأحبَّ دينه، وأحبَّه على المسلمين وتمنى انتصاره؛ فلا شك في كفرِهِ ومرُوقِهِ من الدين، وهو المقصود بمثل قوله تعالى: {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[2].
وقوله –عزَّ وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[3].
وقول الله –سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}[4].
وغير ذلك من الآيات التي تُحرِّمُ موالاة الكُفَّار، وتحكم بالبراءة ممن والاهم، والله –تبارك وتعالى- يقول: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}[5].
· النوع الثاني من أنواع الموالاة: الموالاة المحرمة التي لا تصل إلى درجة الكفر، وعلى أية حال أنا سأذكر هذا باختصار؛ لكن سيكون لنا درسٌ –إن شاء الله تعالى- عن الولاء والبراء-
فالموالاة المحرمة: هي محبة الكفار من أجل مصلحةٍ دنيوية، وموالاته في تلك المصلحة، مع بغضه ديانةً. انتبه لهذا القيد، مع بغضه ديانةً وحبِّ المسلمين وتمنى انتصار المسلمين على الكفار؛ لكنه أحبه لمصلحةٍ –وللأسف- يعني- دنيوية معينة تجمع بينهما؛ كمن يواليهم لمساعدته في أمرٍ ما ويوجد عنده نوع مودة، مع بغضهم ديانةً وبغض دينهم وكراهية دينهم. انتبه هذا مقيَّد؛ فتلك موالاة محرَّمة؛ لكن لا تصل إلى درجة الكفر. ومثل من يتجسس لصالح الكُفَّار لمصلحةٍ دنيوية؛ ولذلك اختلف العلماء في حكم قتله، مع اتفاقهم أنه إن قُتِل فإنه يُقتل حدًا، ولا يُقتل ردةً. انتبهتم؟
ويستشهدون لهذا بقصة حاطبٍ –رضي الله عنه وأرضاه-[6]، وكذلك بقصة سعد بن عبادة –رضي الله عنه-، وهذا لا يغض من شأن الصحابة؛ وإنما هي أخطاء وقع فيها من وقع، ولا يغض من شأنهم، ولا يجوز استغلاله لتشويه سمعتهم أو النيل منهم –رضي الله عنهم وأرضاهم-.
مثل دفاع سعد بن عبادة –رضي الله عنه- عن عبد الله بن أُبيِّ بن سلول؛ ثُمَّ هدأ النبي صلى الله عليه وسلم الوضع، وأصلحه، ولم يحكم على سعد بأنه موالٍ للكفار بسبب تلك الكلمة، على الرغم مما حصل بينه وبين أُسيْد بن حُضَيْر من حوارٍ –رضي الله عنهم جميعًا-[7]. ونحو ذلك.
ولذلك اختلف العلماء في قتل الجاسوس المسلم الذي يتجسس لصالح الكُفَّار، وكثيرٌ من أهل العلم يرى أنه يُعزَّر ولا يُقتل. ويرى البعض قاله حدًا لا رِدةً، هذا إذا عُلِمَ أنه يؤمن الله ورسوله، ويبغض الكُفَّار بقلبِهِ؛ لكن حمله على ذلك مصلحة دنيوية تعلق بها. انتبهوا لهذا التقسيم؛ حتى لا نخلط في الأحكَامِ على الآخرين.
· النوع الثالث: موالاةٌ جائزة؛ وهي إظهار الموالاة باللسان عند الضرورة وعند خوف الفتنة من الكفار؛ كما قال الله –سبحانه وتعالى-: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}[8]؛ يعني: إذا خفتم شيئًا على أنفسِكُمْ أو أموالكم أو أعراضكم؛ فلا بأس أن تتخلصوا منهم بإظهار شيءٍ من الموالاة الظاهرية باللسان مادامت قلوبكم مطمئنة بالإيمان؛ قال الله –سبحانه وتعالى-: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[9].
وسبب ذلك قصة عمار، عندما أرغمه الكفار على النيل من النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنال منه تحت التهديد وتحت الخطر؛ فجاء يبكي وخشي على نفسه الردة؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن عادوا فعُدْ))؛ يعني: لو ألزموك وألجؤكَ مرة أخرى؛ فعد إلى تلك الكلمة، فإن قال قائلٌ كيف هذا مع حديث: ((دخل الجنَّة رجلٌ في ذُبابة، ودخل النَّار رجلٌ في ذُبابة)) عند من يصحح هذا الحديث؟
والجواب واضح؛ ذلك أن من دخل النار في ذبابة قدَّمها وهو مطمئنٌ بذلك، أما لو أنه قدمها تحت التهديد وقلبه مطمئنٌ بالإيمان؛ فإنه لا حرج عليه، وهذا يكون في حال ضعف المسلمين، ويدخل فيه ما قد يلجأُ إليه بعض المسلمين الذين يقيمون في بلاد الكفر من تطبيق أحكام الكفار وقوانينهم، وعليهم أن يجتهدوا في تطبيق أحكام الله ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، فإن عجزوا فلهم أن يأخذوا حقوقهم ولو عن طريق محاكم هؤلاء طالما كانوا مضطرين حتى لا تضيع حقوقهم، فهذا من أنواع الموالاة الجائزة؛ أن يُوالي بلسانه وقلبه مطمئنٌ بالإيمان، طالما كان مضطرًا إلى ذلك.
· النوع الرابع: ما يُظنَّ أنه موالاة وليس بموالاة؛ كالتعامل مع الكفار بتجارةٍ أو إجارةٍ أو عاريةٍ أو رهنٍ أو بيعٍ أو شراءٍ أو نحو ذلك. فهذا بإجماع المسلمين لا علاقة له بالولاء والبراء لا من قريب ولا من بعيد. أبدًا. ومن قال ذلك؛ فقد خالف إجماع العلماء؛ فالتعامل مع الكُفَّار من بيعٍ أو شراءٍ أو إيجارةٍ أو إعارةٍ أو رهنٍ أو حتى تخلق بالأخلاق الطيبة معهم لعل الله أن يهديهم للدين أو هديةٍ إذا كان يترتب عليها .. ، أو حتى قبول هديةٍ منهم؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قَبِلَ ماريةً –رضي الله عنها- هديةً من المقوقس عظيم الأقباط، ولا يعدُ هذا موالاة، ورهن درعه عند يهودي في صاعٍ من شعير، وعلي
-رضي الله عنه- أجَّرَ نفسه ليهوديةٍ فنتح لها ستة عشر دلوًا، كل دلوٍ بتمرة، والنبي صلى الله عليه وسلم قد عاقد اليهود وعاهدهم على أن يشاركوا مع المسلمين في قتال بقية الكفار والمشركين، وعقد معهم عهدًا، وعقد عهدًا مع خُزَاعة، وأحيانًا عقد عهودًا فيها حيفٌ على المسلمين في الظاهر؛ ولكن العاقبة للمتقين، كما حدث في صلح الحديبية، ولم يقل أحدٌ أن هذا التعامل نوعٌ من المودة والموالاة.
وأما إلزام من يتعامل مع الكفار على هذا الأساس أنه لابد أن تكون عنده مودة أو موالاة؛ فهذا افتياتٌ على من أجمع عليه علماء المسلمين، وقولٌ على الله بغير حق، ومخالفة للنصوص الشرعية من كتاب الله –عزّ وجل- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي أباح التعامل بين الناس مسلمهم وكافرهم في أمور الدنيا، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لا يدعونني لشيء فيه تعظيمٌ لحرمات الله إلا وأجبتهم عليه)) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فكونِ بعض الشباب يتسرع ويُسمِّي هذا موالاة أو تولي هذا غير صحيح، أو يُلزِم من تعامل مع الكفار بأنه موالي لهؤلاء الكفار، فهذا غير صحيح.
كذلك في مسألة الوفاء بالعهد؛ حذيفة –رضي الله عنه- أسره المشركون هو وأبوه –مشركو قريش-، فطلبوا منهم أن يخلُّوا سبيلهم، قالوا بشرط: أن تذهبوا إلى المدينة –أو إلى يثرب كما يقولون- ولا تذهبوا إلى محمد وأصحابه في بدر، صلى الله عليه وسلم، فأعطوهم العهد على أن يذهبوا إلى المدينة ولا يذهبوا إلى بدرٍ إلى القتال، فجاء حذيفةُ وأبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبروه الخبر، مع حاجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقاتلين، مع كثرة عدد الكفار، وقلَّةِ عدد المسلمين؛ فقال لحذيفة وأبيه: ((اذهبوا إلى المدينة، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم))[10].
فلم يقل أحد من المسلمين بأن التعامل مع الكفار أنه يُعطي نوع مودة أو يُفضي إلى المودة، أو تلزم منه المودة، أو تلزم منه الموالاة، وأن شراء بضاعةٍ من الكُفَّار أنه موالاة لهؤلاء الكفار، هذا كله من الافتيات على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، والله-عز وجل- يقول: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[11].
نحن أفضل أم النبي صلى الله عليه وسلم الذي رهن درعه عند يهودي؟! النبي صلى الله عليه وسلم مرض جاره اليهودي، غلامٌ من جيرانه من اليهود، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، يزوره؛ فقال له: ((قل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله)) فنظر اليهودي الغلام إلى أبيه، وكأنه يستأذنه، ومعلومٌ أن اليهود يعرفون الحق، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[12] هو يعرف أن رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حقٌ، فنظر إلى أبيه وكأنه يستأذنه؛ فقال له: ((أطع أبا القاسم)). فقال: ((أشهد أنْ لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله))؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الحمد لله الذي أنقذه بي من النار))[13] أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وهو يحتضر، سبحان الله! انظر إلى حسن الخاتمة! أسأل الله لنا وإياك حسن الختام.
والنبي صلى الله عليه أذن لأم حبيبة أن تصل أباها أبا سفيان عندما جاءها، وكذلك أسماء بنت أبي بكر عندما جاءت أمها أذِنَ لها بصلتها، وأمرنا الله ببر الوالدين ولو كانا كافرين أو مشركين، كما تعلمون في سورة لقمان.
كذلك عمر –رضي الله عنه- أهدى لأخ له قبل أن يُسلِمْ ثوبًا أهداه له النبي صلى الله عليه وسلم، وابن عمر –رضي الله عنه- كانوا إذا وُجِدَ عندهم لحمٌ أو ذبيحةٌ قال: "أأطعمتم جارنا اليهودي؟" ونحو ذلك.
هذه التعاملات لم يقل أحدٌ أنه يلزم منها المودة أو الموالاة أو نحو ذلك. فعلينا أن ننتبه.
أنا أذكر قبل سنتين اتصل به رجل، وقال أن عنده شبابٌ يعني: شبابًا طلبوا منه أن يريق جميع هذه البضاعة، وكانت البضاعة عبارة عن بيبسي، أنا والله في الحقيقة لو كان لي من الأمر شيء لمنعتُ البيبسي لضرره الصحي الظاهر، وقد ثبت ضرره، فنسأل الله أن يوفق المسؤولين لمنعه، لما يترتب عليه من ضرر صحي يصيب الناس؛ لكن السبب الذي يربط به هؤلاء عندما أمروا الرجل بإراقة بضاعته؛ لكونها بضاعة تأتي من بلد الكفار، هذه فتوى غير صحيحة، ولا دليل عليها. فلما اتصل عليَّ، قال: "والله أنا أريد أن أبرئ ذمتي، فهل أريق هذه البضاعة؟" وهي تكلف الكثير والكثير، الآلاف، قلت: يا أخي! -خطر ببالي مسألة- قلت: ما السيارة التي يركبها هؤلاء الذين يطلبون منك أن تريق البيبسي، قال: سيارة فورد، فقلت له –من باب المشاكلة-: قل لهم يحرقون الفورد ثم أنت تريق البيبسي بعد ذلك.
فيا إخوان! الخلط في الفتاوى أمر خطير جدًا في غاية الخطورة، يجب على المسلم أن يتحرى قبل أن يُفتي بغير علمٍ، وأن يتجرأ على الفتوى بغير علمٍ، وأن نعطي القوس باريها، من نحن؟! نحن الصغار حتى نفتات بمثل هذه الفتاوى، علينا أن نحيل هذا لعلمائنا الأفاضل إذا استشكلنا مثل هذه الأشياء، وهذه الأشياء واضحة، التعامل لا علاقة له بالولاء والبراء لا من قريب ولا من بعيد.
ولذلك في المملكة في مسألة المشاركة في التجارة العالمية أخذت سنين وهي لم تشارك، لماذا؟ لأنهم كانوا يساومونها على الموافقة على أن تشمل تلك الاتفاقيات الخمور والخنزير ونحو ذلك؛ فوقفت المملكة –وفقها الله- والقائمين عليها موقفًا مشرفًا ورفضوا هذه الشروط؛ حتى رضخوا إلى شروط المملكة؛ لأنهم هم المحتاجون إلينا، هم المحتاجون إلى التعامل معنا؛ فرضخوا لشروط المملكة، وشطبوا تلك المواد التي كانوا يريدون فرضها على البلاد، فإذًا علينا أن نتنبَّه يعني الفتاوى، ليس كل شخص يُستفتى في مثل هذه القضايا، وعلى المسلم أن يتقي الله –سبحانه وتعالى- ولاسيما طالب العلم قبل أن يُصدر أيةِ فتوى. نعم.
[1] [المائدة: 55- 56].
[2] [المجادلة: 22].
[3] [المائدة: 51].
[4] [الممتحنة: 13].
[5] [الممتحنة: 4].
[6] عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ؛ فَقَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ؛ قَالَ: فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قُلْنَا أَيْنَ الْكِتَابُ الَّذِي مَعَكِ؟ قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَأَنَخْنَا بِهَا فَابْتَغَيْنَا فِي رَحْلِهَا، فَمَا وَجَدْنَا شَيْئًا؛ قَالَ صَاحِبَايَ: مَا نَرَى كِتَابًا! قَالَ: قُلْتُ: لَقَدْ عَلِمْتُ مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ؛ قَالَ: فَلَمَّا رَأَتْ الْجِدَّ مِنِّي أَهْوَتْ بِيَدِهَا إِلَى حُجْزَتِهَا وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْ الْكِتَابَ؛ قَالَ: فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ يَا حَاطِبُ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: مَا بِي إِلَّا أَنْ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا غَيَّرْتُ وَلَا بَدَّلْتُ، أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ هُنَاكَ إِلَّا وَلَهُ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ؛ قَالَ: صَدَقَ فَلَا تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا؛ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؛ قَالَ: فَقَالَ: ((يَا عُمَرُ! وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الْجَنَّةُ)) قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. رواه البخاري: 5789.
[7] يشير الشيخ –حفظه الله- لما جرى بين الصحابين الجليلين –رضي الله عنهما- في سياق قصة حادثة الإفك، وهذا هو الشاهد من القصة: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي؛ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ؛ -قَالَتْ-: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ؛ فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ؛ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ؛ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ؛ فَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ؛ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَر،ِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ)) رواه البخاري ومسلم.
[8] [آل عمران: 28].
[9] [النحل: 106].
[10] عن حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ قَالَ: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ؛ فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ؛ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ؛ فَقَالَ: ((انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ،وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ)). رواه مسلم: 3342.
[11] [الإسراء: 36].
[12] [البقرة: 146].
[13] عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ؛ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ؛ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَسْلَمَ؛ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ)) رواه البخاري ومسلم.
السؤال:
شيخنا سائلٌ كريم يقول: ما رأي فضيلتكم في من يقول أن التعامل مع اليهود والنصارى داخلٌ في معنى الولاية، وأنه لا يمكن أن نتعامل معهم بدون مودة، فالذي يقول: لا تحصل مودة في التعامل معهم، يكذبُ على نفسه.
الجواب:
لا شَكَ في عداوة اليهودِ وسائر الكفَّارِ للمسلمين، ومن تولَّهُم بقلبه وأحبهم وأحب دينهم؛ فلا شكَ في كفره؛ لأن الموالاة على ثلاثة أنواع:
o هناك من يجب توليه مطلقًا، وتجب محبته ومودته ونصرته بلا قيدٍ؛ وهم الأنبياء وأتباعهم من المؤمنين الخُلَّصْ، أهل الإحسان، وأهل التُقى والورع؛ فهؤلاء تجب موالاتهم بكل حال، بدون أي تحفظ، {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[1]
o وهناك من يجب بغضه مطلقًا، وتحرُمُ مودتُهُ وموالاته بأي حالٍ من الأحوال، وتحرُمُ محبته، ولا تجوز بحالٍ من الأحوال، ومن أحبهم بقلبه وودَّهم وناصرهم من أجل دينهم؛ فلا شك في كفره، ومروقِهِ من الدين، بعد قيام الحجة عليه.
o وصنفٌ ثالث: يحبون من وجه، ويبغضون من وجهٍ آخر؛ وهم عصاةُ المؤمنين، والفُسَّاق من أهل الإسلام، فهؤلاء يُحَبُون على قدر ما عندهم من إيمان، ويُبغَضون على قدر ما عندهم من مُخالفاتٍ شرعية، وفسوقٍ وعصيان.
وبناءً على هذا التقسيم الذي ذكره العلماء؛ فإن الموالاة على أربعةِ أقسام:
· موالاةٌ كفرية، وهي مودة الكفار من أجل دينهم، ومحبتهم بالقلب ديانةً، وقد يترتب عليها تمني انتصارهم على المسلمين. فإذا أحبَّ الكافر، وأحبَّ دينه، وأحبَّه على المسلمين وتمنى انتصاره؛ فلا شك في كفرِهِ ومرُوقِهِ من الدين، وهو المقصود بمثل قوله تعالى: {لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[2].
وقوله –عزَّ وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[3].
وقول الله –سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}[4].
وغير ذلك من الآيات التي تُحرِّمُ موالاة الكُفَّار، وتحكم بالبراءة ممن والاهم، والله –تبارك وتعالى- يقول: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}[5].
· النوع الثاني من أنواع الموالاة: الموالاة المحرمة التي لا تصل إلى درجة الكفر، وعلى أية حال أنا سأذكر هذا باختصار؛ لكن سيكون لنا درسٌ –إن شاء الله تعالى- عن الولاء والبراء-
فالموالاة المحرمة: هي محبة الكفار من أجل مصلحةٍ دنيوية، وموالاته في تلك المصلحة، مع بغضه ديانةً. انتبه لهذا القيد، مع بغضه ديانةً وحبِّ المسلمين وتمنى انتصار المسلمين على الكفار؛ لكنه أحبه لمصلحةٍ –وللأسف- يعني- دنيوية معينة تجمع بينهما؛ كمن يواليهم لمساعدته في أمرٍ ما ويوجد عنده نوع مودة، مع بغضهم ديانةً وبغض دينهم وكراهية دينهم. انتبه هذا مقيَّد؛ فتلك موالاة محرَّمة؛ لكن لا تصل إلى درجة الكفر. ومثل من يتجسس لصالح الكُفَّار لمصلحةٍ دنيوية؛ ولذلك اختلف العلماء في حكم قتله، مع اتفاقهم أنه إن قُتِل فإنه يُقتل حدًا، ولا يُقتل ردةً. انتبهتم؟
ويستشهدون لهذا بقصة حاطبٍ –رضي الله عنه وأرضاه-[6]، وكذلك بقصة سعد بن عبادة –رضي الله عنه-، وهذا لا يغض من شأن الصحابة؛ وإنما هي أخطاء وقع فيها من وقع، ولا يغض من شأنهم، ولا يجوز استغلاله لتشويه سمعتهم أو النيل منهم –رضي الله عنهم وأرضاهم-.
مثل دفاع سعد بن عبادة –رضي الله عنه- عن عبد الله بن أُبيِّ بن سلول؛ ثُمَّ هدأ النبي صلى الله عليه وسلم الوضع، وأصلحه، ولم يحكم على سعد بأنه موالٍ للكفار بسبب تلك الكلمة، على الرغم مما حصل بينه وبين أُسيْد بن حُضَيْر من حوارٍ –رضي الله عنهم جميعًا-[7]. ونحو ذلك.
ولذلك اختلف العلماء في قتل الجاسوس المسلم الذي يتجسس لصالح الكُفَّار، وكثيرٌ من أهل العلم يرى أنه يُعزَّر ولا يُقتل. ويرى البعض قاله حدًا لا رِدةً، هذا إذا عُلِمَ أنه يؤمن الله ورسوله، ويبغض الكُفَّار بقلبِهِ؛ لكن حمله على ذلك مصلحة دنيوية تعلق بها. انتبهوا لهذا التقسيم؛ حتى لا نخلط في الأحكَامِ على الآخرين.
· النوع الثالث: موالاةٌ جائزة؛ وهي إظهار الموالاة باللسان عند الضرورة وعند خوف الفتنة من الكفار؛ كما قال الله –سبحانه وتعالى-: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}[8]؛ يعني: إذا خفتم شيئًا على أنفسِكُمْ أو أموالكم أو أعراضكم؛ فلا بأس أن تتخلصوا منهم بإظهار شيءٍ من الموالاة الظاهرية باللسان مادامت قلوبكم مطمئنة بالإيمان؛ قال الله –سبحانه وتعالى-: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[9].
وسبب ذلك قصة عمار، عندما أرغمه الكفار على النيل من النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنال منه تحت التهديد وتحت الخطر؛ فجاء يبكي وخشي على نفسه الردة؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن عادوا فعُدْ))؛ يعني: لو ألزموك وألجؤكَ مرة أخرى؛ فعد إلى تلك الكلمة، فإن قال قائلٌ كيف هذا مع حديث: ((دخل الجنَّة رجلٌ في ذُبابة، ودخل النَّار رجلٌ في ذُبابة)) عند من يصحح هذا الحديث؟
والجواب واضح؛ ذلك أن من دخل النار في ذبابة قدَّمها وهو مطمئنٌ بذلك، أما لو أنه قدمها تحت التهديد وقلبه مطمئنٌ بالإيمان؛ فإنه لا حرج عليه، وهذا يكون في حال ضعف المسلمين، ويدخل فيه ما قد يلجأُ إليه بعض المسلمين الذين يقيمون في بلاد الكفر من تطبيق أحكام الكفار وقوانينهم، وعليهم أن يجتهدوا في تطبيق أحكام الله ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، فإن عجزوا فلهم أن يأخذوا حقوقهم ولو عن طريق محاكم هؤلاء طالما كانوا مضطرين حتى لا تضيع حقوقهم، فهذا من أنواع الموالاة الجائزة؛ أن يُوالي بلسانه وقلبه مطمئنٌ بالإيمان، طالما كان مضطرًا إلى ذلك.
· النوع الرابع: ما يُظنَّ أنه موالاة وليس بموالاة؛ كالتعامل مع الكفار بتجارةٍ أو إجارةٍ أو عاريةٍ أو رهنٍ أو بيعٍ أو شراءٍ أو نحو ذلك. فهذا بإجماع المسلمين لا علاقة له بالولاء والبراء لا من قريب ولا من بعيد. أبدًا. ومن قال ذلك؛ فقد خالف إجماع العلماء؛ فالتعامل مع الكُفَّار من بيعٍ أو شراءٍ أو إيجارةٍ أو إعارةٍ أو رهنٍ أو حتى تخلق بالأخلاق الطيبة معهم لعل الله أن يهديهم للدين أو هديةٍ إذا كان يترتب عليها .. ، أو حتى قبول هديةٍ منهم؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قَبِلَ ماريةً –رضي الله عنها- هديةً من المقوقس عظيم الأقباط، ولا يعدُ هذا موالاة، ورهن درعه عند يهودي في صاعٍ من شعير، وعلي
-رضي الله عنه- أجَّرَ نفسه ليهوديةٍ فنتح لها ستة عشر دلوًا، كل دلوٍ بتمرة، والنبي صلى الله عليه وسلم قد عاقد اليهود وعاهدهم على أن يشاركوا مع المسلمين في قتال بقية الكفار والمشركين، وعقد معهم عهدًا، وعقد عهدًا مع خُزَاعة، وأحيانًا عقد عهودًا فيها حيفٌ على المسلمين في الظاهر؛ ولكن العاقبة للمتقين، كما حدث في صلح الحديبية، ولم يقل أحدٌ أن هذا التعامل نوعٌ من المودة والموالاة.
وأما إلزام من يتعامل مع الكفار على هذا الأساس أنه لابد أن تكون عنده مودة أو موالاة؛ فهذا افتياتٌ على من أجمع عليه علماء المسلمين، وقولٌ على الله بغير حق، ومخالفة للنصوص الشرعية من كتاب الله –عزّ وجل- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي أباح التعامل بين الناس مسلمهم وكافرهم في أمور الدنيا، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لا يدعونني لشيء فيه تعظيمٌ لحرمات الله إلا وأجبتهم عليه)) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فكونِ بعض الشباب يتسرع ويُسمِّي هذا موالاة أو تولي هذا غير صحيح، أو يُلزِم من تعامل مع الكفار بأنه موالي لهؤلاء الكفار، فهذا غير صحيح.
كذلك في مسألة الوفاء بالعهد؛ حذيفة –رضي الله عنه- أسره المشركون هو وأبوه –مشركو قريش-، فطلبوا منهم أن يخلُّوا سبيلهم، قالوا بشرط: أن تذهبوا إلى المدينة –أو إلى يثرب كما يقولون- ولا تذهبوا إلى محمد وأصحابه في بدر، صلى الله عليه وسلم، فأعطوهم العهد على أن يذهبوا إلى المدينة ولا يذهبوا إلى بدرٍ إلى القتال، فجاء حذيفةُ وأبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبروه الخبر، مع حاجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقاتلين، مع كثرة عدد الكفار، وقلَّةِ عدد المسلمين؛ فقال لحذيفة وأبيه: ((اذهبوا إلى المدينة، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم))[10].
فلم يقل أحد من المسلمين بأن التعامل مع الكفار أنه يُعطي نوع مودة أو يُفضي إلى المودة، أو تلزم منه المودة، أو تلزم منه الموالاة، وأن شراء بضاعةٍ من الكُفَّار أنه موالاة لهؤلاء الكفار، هذا كله من الافتيات على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، والله-عز وجل- يقول: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[11].
نحن أفضل أم النبي صلى الله عليه وسلم الذي رهن درعه عند يهودي؟! النبي صلى الله عليه وسلم مرض جاره اليهودي، غلامٌ من جيرانه من اليهود، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، يزوره؛ فقال له: ((قل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله)) فنظر اليهودي الغلام إلى أبيه، وكأنه يستأذنه، ومعلومٌ أن اليهود يعرفون الحق، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[12] هو يعرف أن رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حقٌ، فنظر إلى أبيه وكأنه يستأذنه؛ فقال له: ((أطع أبا القاسم)). فقال: ((أشهد أنْ لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله))؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الحمد لله الذي أنقذه بي من النار))[13] أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وهو يحتضر، سبحان الله! انظر إلى حسن الخاتمة! أسأل الله لنا وإياك حسن الختام.
والنبي صلى الله عليه أذن لأم حبيبة أن تصل أباها أبا سفيان عندما جاءها، وكذلك أسماء بنت أبي بكر عندما جاءت أمها أذِنَ لها بصلتها، وأمرنا الله ببر الوالدين ولو كانا كافرين أو مشركين، كما تعلمون في سورة لقمان.
كذلك عمر –رضي الله عنه- أهدى لأخ له قبل أن يُسلِمْ ثوبًا أهداه له النبي صلى الله عليه وسلم، وابن عمر –رضي الله عنه- كانوا إذا وُجِدَ عندهم لحمٌ أو ذبيحةٌ قال: "أأطعمتم جارنا اليهودي؟" ونحو ذلك.
هذه التعاملات لم يقل أحدٌ أنه يلزم منها المودة أو الموالاة أو نحو ذلك. فعلينا أن ننتبه.
أنا أذكر قبل سنتين اتصل به رجل، وقال أن عنده شبابٌ يعني: شبابًا طلبوا منه أن يريق جميع هذه البضاعة، وكانت البضاعة عبارة عن بيبسي، أنا والله في الحقيقة لو كان لي من الأمر شيء لمنعتُ البيبسي لضرره الصحي الظاهر، وقد ثبت ضرره، فنسأل الله أن يوفق المسؤولين لمنعه، لما يترتب عليه من ضرر صحي يصيب الناس؛ لكن السبب الذي يربط به هؤلاء عندما أمروا الرجل بإراقة بضاعته؛ لكونها بضاعة تأتي من بلد الكفار، هذه فتوى غير صحيحة، ولا دليل عليها. فلما اتصل عليَّ، قال: "والله أنا أريد أن أبرئ ذمتي، فهل أريق هذه البضاعة؟" وهي تكلف الكثير والكثير، الآلاف، قلت: يا أخي! -خطر ببالي مسألة- قلت: ما السيارة التي يركبها هؤلاء الذين يطلبون منك أن تريق البيبسي، قال: سيارة فورد، فقلت له –من باب المشاكلة-: قل لهم يحرقون الفورد ثم أنت تريق البيبسي بعد ذلك.
فيا إخوان! الخلط في الفتاوى أمر خطير جدًا في غاية الخطورة، يجب على المسلم أن يتحرى قبل أن يُفتي بغير علمٍ، وأن يتجرأ على الفتوى بغير علمٍ، وأن نعطي القوس باريها، من نحن؟! نحن الصغار حتى نفتات بمثل هذه الفتاوى، علينا أن نحيل هذا لعلمائنا الأفاضل إذا استشكلنا مثل هذه الأشياء، وهذه الأشياء واضحة، التعامل لا علاقة له بالولاء والبراء لا من قريب ولا من بعيد.
ولذلك في المملكة في مسألة المشاركة في التجارة العالمية أخذت سنين وهي لم تشارك، لماذا؟ لأنهم كانوا يساومونها على الموافقة على أن تشمل تلك الاتفاقيات الخمور والخنزير ونحو ذلك؛ فوقفت المملكة –وفقها الله- والقائمين عليها موقفًا مشرفًا ورفضوا هذه الشروط؛ حتى رضخوا إلى شروط المملكة؛ لأنهم هم المحتاجون إلينا، هم المحتاجون إلى التعامل معنا؛ فرضخوا لشروط المملكة، وشطبوا تلك المواد التي كانوا يريدون فرضها على البلاد، فإذًا علينا أن نتنبَّه يعني الفتاوى، ليس كل شخص يُستفتى في مثل هذه القضايا، وعلى المسلم أن يتقي الله –سبحانه وتعالى- ولاسيما طالب العلم قبل أن يُصدر أيةِ فتوى. نعم.
[1] [المائدة: 55- 56].
[2] [المجادلة: 22].
[3] [المائدة: 51].
[4] [الممتحنة: 13].
[5] [الممتحنة: 4].
[6] عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ؛ فَقَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ؛ قَالَ: فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قُلْنَا أَيْنَ الْكِتَابُ الَّذِي مَعَكِ؟ قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَأَنَخْنَا بِهَا فَابْتَغَيْنَا فِي رَحْلِهَا، فَمَا وَجَدْنَا شَيْئًا؛ قَالَ صَاحِبَايَ: مَا نَرَى كِتَابًا! قَالَ: قُلْتُ: لَقَدْ عَلِمْتُ مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ؛ قَالَ: فَلَمَّا رَأَتْ الْجِدَّ مِنِّي أَهْوَتْ بِيَدِهَا إِلَى حُجْزَتِهَا وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْ الْكِتَابَ؛ قَالَ: فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ يَا حَاطِبُ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: مَا بِي إِلَّا أَنْ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا غَيَّرْتُ وَلَا بَدَّلْتُ، أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابِكَ هُنَاكَ إِلَّا وَلَهُ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ؛ قَالَ: صَدَقَ فَلَا تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا؛ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؛ قَالَ: فَقَالَ: ((يَا عُمَرُ! وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الْجَنَّةُ)) قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. رواه البخاري: 5789.
[7] يشير الشيخ –حفظه الله- لما جرى بين الصحابين الجليلين –رضي الله عنهما- في سياق قصة حادثة الإفك، وهذا هو الشاهد من القصة: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي؛ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ؛ -قَالَتْ-: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ؛ فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ؛ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ؛ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ؛ فَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ؛ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَر،ِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ)) رواه البخاري ومسلم.
[8] [آل عمران: 28].
[9] [النحل: 106].
[10] عن حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ قَالَ: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ؛ فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ؛ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ؛ فَقَالَ: ((انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ،وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ)). رواه مسلم: 3342.
[11] [الإسراء: 36].
[12] [البقرة: 146].
[13] عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ؛ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ؛ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَسْلَمَ؛ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ)) رواه البخاري ومسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق