وهذا يقول: ماذا تحتاج الدعوة السلفية في ليبيا الآن ؟ والله ما أدري، أنتَ أعرف بها الآن.
أمَّا الذي تحتاج إليه الدعوة السلفية في كُلِّ مكان؛ في ليبيا وفي غيرها، الدعوة السلفية هي الإسلام الحق، هذا أولًا.
ثانيًا: تحتاج إلى العلم، الفقه في دين الله -تبارك وتعالى -.
ثالثًا: تحتاج إلى الحكمة.
رابعًا: إذا أوتي الإنسان الحكمة فإنه يُوَفّق - إن شاء الله- إلى ما بعده، وهو تقدير المصالح والمفاسد، فيَدْرَأُ المفاسد عن هذه الدعوة، ويَدْرَأ العوادي عنها، وذلك بسلوك الطريق الصحيح في علاج المشكلات، ولْيَعْلَم وليستصحب دائمًا أنه ليس كُلُّ ما يُعلم يُقال، ولا كُلُّ ما يُقال أو صَحَّ أن يُقال حَضَرَ زمانه أو أوانه، ولا كُلُّ ما حضر زمانه حضر رجاله، فإذًا عليه أن يعلم هذا الباب علم اليقين، فأنتَ الآن قد تحجب عن بعض الناس شيئًا من الحديث، لا يصلح، لو حدَّثت الجميع به إلَّا كان كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-: "لبعضهم فتنة"، ما هو للجميع، لبعضهم، فالذين يعلمون، يُنزِّلونه منزلته، والذين لا يعلمون يفتنهم هذا الكلام، إذًا ففي هذا مراعاة حال المُخاطَبِين ومستوياتهم وفهمهم وفقههم، فتحجب عنهم الآن شيئًا وتعطيه لهم بعد مدة، وتعطي الحاضرين الآن في هذا المجلس شيء، ولا تعطيه لغيرهم، فهذا من وضع الأمور في نِصابها، فإذًا الدعوة تحتاج إلى ماذا؟
الأول: إلى العلم والفقه في دين الله.
الثاني: الحكمة.
الثالث: تقدير المصالح والمفاسد، ثم مراعاة الفرق بين من تتكلم وتلقي الكلام إليهم، وأنه ليس كل ما يعلم يقال؛ هذا من ناحية.
ثم ينبغي وهو الأمر الخامس أن يضبط نفسه بزمام الطريق الذي كان عليه سلفنا الصالح، والقاعدة في هذا (من كان مُسْتَنًّا فليستَنَّ بمن قد مات فإن الحيَّ لا تُؤْمَن عليه الفتنة)، الإتباع إِنَّما يكون بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- لمن ماتوا على الطريق الصحيح ﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾، أمَّا الأحياء فأنتَ تُحِب الإنسان وتثني عليه بما فيه، ولكن لا تعطيه التزكية الكاملة، لأن الإنسان لا تدري ماذا يختم له به؟ وأنتم ترون كم وكم وكم وكم، المغراوي وأين انتهى، وأبو الحسن وأين انتهى، وعلي حسن الحلبي وأين انتهى، وصار مع الديموقراطيين آخر أمره، والآن الحجوري وأين انتهى، انتهى معهم صاروا هم زواره، أبو الحسن وعلي حسن وهؤلاء، فالحَيُّ يا أحبتي لا تُؤمن عليه الفتنة، خَرَّج الإمام أحمد - رحمه الله ورضي عنه- في مسنده من حديث المقداد بن الأسود بإسنادٍ حسن، أنه قيل له : - يعني كُلِّمَ- فقال: "لا أقول في شخص – أو قال في امرئٍ أو رجل- شيئًا بعد حديث سمعته من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى يموت، فقيل له: ماذا سمعت النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول؟ قال: سمعته يقول: ((لقلبُ ابن آدم أشدُّ تقلُّبًا من القِدر استجمعت غليانًا))"، إذا وصلت إلى الغليان هذه القدر كيف يكون تحركها وتقلبها؟ في طرفة العين عشرات مرات، فيقول المقداد: أنا ما عاد أشهد لأحد بشيء حتى يموت، فالإنسان إنَّما يقتدي ويستن الاستنان بعد النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم- بمن ماتوا على الهُدى، أما الحي فيُرجى له ويخاف عليه ولا يُؤمن عليه الفتنة، ولذلك أُمرنا ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾، نسأل الله الثبات – سبحانه وتعالى-.
وهذا فيه رد على من يقول: المتمكن من السلفية ما يزيغ! ما الكلام الفارغ هذا؟! قد ينحرف حتى عن الإسلام كله فيرتدّ، وإلا ما معنى ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ وما معنى قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ))؟ وهو رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- يعلِّمنا بذلك، فالإنسان الذي ينبغي له في هذا الباب أن يسأل الله - سبحانه وتعالى- الثبات، ولا يَسْتَن إلَّا بمن قد مات على الإيمان والهدى وطريق الحق والتقوى، ويُحبُّ الحي بما فيه من الخير، ويحترمه، ويُقَدِّمه، ويُبَجّله ممن يستحق هذا التبجيل، لكن لا يُعطيه التزكية المطلقة، ونسأل الله أن يثبتنا وإياكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق