من الآداب الإسلامية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل الكتاب وأجرى السحاب وهزم الأحزاب فهو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء وهو بكل شيء عليم وأشهد أن محمد عبده ورسوله المرسل إلى جميع العالمين بشيراً ونذيرا بشيراً لمن آمن بجنات النعيم ونذيراً لمن كفر بالعذاب الأليم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فيا عباد الله فكروا فيما خلقتم أخلقتم لتتمتعوا كما تتمتع الأنعام أم خلقتم لعبادة الرحيم الرحمن إن تفكيراً قليلاً في هذا يبين للإنسان أنه إنما خلق لعبادة الواحد القاهر ألا وهو العزيز الغفار يقول الله عز وجل : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ثم فكروا أيها المسلمون بهذا الرسول الذي بعثه الله إليكم بشيراً ونذيرا وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا بعثه الله على حين فترة من الرسل وانطماس من السبل فدعى العباد إلى عبادة الواحد الأحد الديان وبين لهم ما يتبعونه من الهدى وحذرهم من اتباع الهوى بعثه الله عز وجل فأتم به مكارم الأخلاق وهداه إلى صراط مستقيم وهدى به من شاء من عباده إلى صراط مستقيم وهدى به من شاء من عباده إلى صراط المستقيم أيها المسلمون لقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمة على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يذيق عنها إلا هالك ولقد أنزل الله عليه في آخر حياته : (ِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) وإن من نعمة الله وإن من هذا الدين القويم أن جاء متمماً لمكارم الأخلاق في عبادة الله وفي معاملة عباد الله في كل شيء حتى قال أبو ذر لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما ولقد سبق لنا في جمعتين ماضيتين شيء من هذه الآداب التي أشرنا إليها وبقي آداب في الإسلام في معاملة الناس ونحن نذكر ما تيسر في هذه الخطبة سائلين الله تعالى أن يرزقنا القيام بحقه وحق العباد معاملة الناس تختلف بحسب اتصالك بهم فأولى الناس بك الوالدين الأم والأب وقد جاء في الكتاب والسنة من الحث على برهما وعدم عقوهما ما يكفي ويشفي إن حق الوالدين بعد حق الله ورسوله كما قال الله تعالى : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا) وقال عز وجل : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) ونحن في هذا نشير الي كلمات كثيرة ولعل الله أن ييسر لنا موقفاً يكون كلامنا على هذا أتم وأكمل ثم من بعد ذلك الأرحام وهم الأقارب من جهة الأم وجهة الأب فإن هؤلاء لهم حق معلوم حق معلوم بالعرف ندب إليه الشرع وقال النبي صلى الله عليه وسلم من أحب أن يبسط له في رزقه وينسى له في أثره فليصل رحمه أي فليصل قرابته فكل ما كان الناس بك أولى كان حقهم عليك أعلى ولهذا يجب على الإنسان على الجيران ما لا يجب على الإنسان البعيد منه في الدار فإن للجار حق عليك أن لا تزجره ولا تضجره ولا تهمل حقه كما قال الله تعالى : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ) إلى قوله (َالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ ) أما من ليس بينك وبهم صلة سوى الدين الإسلامي فأستمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك قال كلمة جامعة نافعة وهي أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً كل ما كنت أحسن خلق مع الناس كان ذلك أكمل في إيمانك تلقاهم ببشاشة الوجه ورحابة الصدر وحسن المنطق والتلطف والسؤال عن حالهم حتى كأنك أباً لصغيرهم وأخ لمن يساويك وابناً لمن كان أكبر منك فأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا وقال عليه الصلاة والسلام لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق إذا لقيت أخاك بوجه طلق فهذا من المعروف تؤجر عليه وتثاب عليه عند الله عز وجل وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر أرايت لو كان في أصغر عضو منك كالخنصر مثلاً لو كان فيه آلم ألم يكن بدنك كله يتألم إن هذا هو الحق فإذا كان كذلك فإن مثل المسلمين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر فإذا رأيت في أخيك ما يحتاج إلى معاونة ومساعده فأعينه وساعده وأعلم أنه متى كنت في حاجة أخيك كان الله في حاجتك والله في عون العبد ما دم العبد في عون أخيه وكما أمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإحسان الخلق مع الخلق فقد نهى عن إساءة الأخلاق مع الخلق ومن ذلك ما قاله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض المسلم أخو المسلك لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاثة مرات أي قال التقوى هاهنا التقوى هاهنا التقوى هاهنا بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن التحاسد أي لا يحسد أحدكم أخاه على ما أعطاه الله من فضله من مال أو علم أو غير ذلك من نعم الله عز وجل لا تحسد أخاك على ذلك فإن الذي قدره هو الله عز وجل الذي من عليه بفضله هو الله عز وجل وحسدك أخاك يعني أنك اعترضت على فضل الله عز وجل ولهذا قال الله تعالى منكراً ذلك : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَد) إذا رأيت أن الله انعم على أخيك بنعمه فأسال الله من فضله (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) إذا رأيت الله أنعم على أخيك بعلم فقل اللهم علمني كما علمته بمال اللهم ارزقني كما رزقته وهلم جراً لا تكره على ما أنعم الله به على أخيك فتكون فتكون مشابه لليهود الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله أما قوله ولا تناجشوا فالمناجشة كما قال العلماء أن يزيد الرجل في السلعة وهو لا يريد شراءها ولكن يريد أن ينكد على المشتري ليزيد الثمن عليه وهكذا يقال في الإجارة وفي غيرها من المعاملات لا تنجش على أخيك حتى تحرمه مما يرد أو تزيد عليه في طلبه وأما التباغض فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه ولكن قد يقول قائل إن البغضاء والمحبة قد لا يتمكن الإنسان من صرفها قد لا يتمكن الإنسان من صرف المحبة عن من يحب أو إلقاء البغضاء في من لا يحب فيقال أترك السباب الموجبة لذلك اترك السباب الموجبة للبغضاء وهذا يعني أنك نفذت قول الرسول صلى الله عليه وسلم لا تباغضوا كل ما حدثتك نفسك بشيء عن أخيك يوجب بغضاءه فأعرض عن هذا الحديث وأطرح ولا تجعل في قلبك بغضاء على أخيك وأما قوله ولا تدابروا فالمعنى أن لا يلقي بعضكم بعضاً دبره ومعنى هذا أن لا تكون مخالفاً له ومنازعاً له ومشاقاً له في أمر لا يجب عليه بل كن أنت وإياه على وجه واحدة بدون تدابر حتى تأتلف الكلمة وحتى تتواد القلوب فإن هذا هو مراد الشرع من المعاملات بين المسلمين وأما قوله ولا يبع بعضكم على بيع بعض فالمعنى إنك إذا رأيت إنسان أشترى سلعه بمائة فلا تذهب وتقول أنا أعطيك مثلها بتسعين أو أعطيك أحسن منها بمائة فإن هذا بيع على بيع أخيك وهكذا أيضاً الشراء على شراءه وهكذا الاستئجار والتأجير على تأجيره واستجأره فإن ذلك كله عدوان ولا يحل للمسلم أن يفعل ذلك بل قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يسوم على سومه أي إذا رأيت البائع قد أطمئن على سوم هذا الرجل وأراد أن يبع عليه فإنه لا يجوز لك أن ترفع السعر وتسوم على سومه لأن البائع قد قنع بما أعطاه هذا المشتري فلا تسم على سومه وأما قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المسلم أخو المسلم فما أجملها من كلمة وما أحلاها إن الإنسان إذا شعر أنه أخو أخيه المسلم فإنه سوف يعامله معاملة الأخ في النسب فلا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يظلمه لا يعتدي عليه يأخذ منه ما ليس له أو يجحد ما هو له ولا يخذله أي لا يتأخر عن نصره في موضع يحتاج إلي نصره ولا يكذبه أي لا يحدثه بالكذب ولا يحقره أي لا يحتقره فلا يعده شيئا كل ذلك مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يتخلقون بالأخلاق الفاضلة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاثة مرات وهذه كلمة عظيمة كلمة حق لكن بعض الناس يستعملها في الباطل تنهاه عن معصية من المعاصي كحلق اللحية مثلاً فإن حلق اللحية محرم والإصرار عليه يجعله من كبائر الذنوب تنصحه عن ذلك فيقول لك التقوى هاهنا يعني في القلب فيدلي بكلمة حق لكنه يريد بها باطلاً يريد بها أن يستحل ما دلت الأدلة على تحريمه ولكننا نقول له بكل ببساطة نقول له لو أتقى ما هاهنا لأتقي ما هاهنا أي لو أتقى الباطل لأتقى الظاهر لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ثم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم يعني لو لم يكن له من الشر إلا أن يحقر أخاه المسلم لكان ذلك كافياً وهذا يدل على عظم احتقار أخيك المسلم ثم قال كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وقال النبي صلى الله عليه وسلم من نفث عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفث الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة والله كان في عون العبد ما كان في عون أخيه وقوله صلى الله عليه وسلم من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة كلمة حق ولكن بعض الناس يستعملها في الباطل يرى الإنسان الذي لا يبالي في المعصية يرى الإنسان المدمن عليها أي على المعصية فيحاول أن يستره ويستدل بهذا الحديث من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ولكن المراد بذلك المسلم الذي يستحق إن يستر عليه مثل أن يذل ذله ليست من دأبه ولا من شأنه ولكن نفسه سولت له بذلك ففعلها وهذا هو الذي يستحق أن يستر عليه أما من عرف بالإجرام والتمرد فإنه لا يستر عليه لأن المصلحة تقتضي أن يبين أمره إلي ولاة الأمور حتى يجروا عليه ما يجب عليه أيها المسلمون تأدبوا بآداب الإسلام التي جاء بها خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام تنالوا بذلك درجات الكمال والثواب فإن الله تعالى يقول : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أسال الله تعالى أن يجعلني وإياكم من فاعل الخيرات والدعاء إلي رب البريئات وأن يهب لنا منه رحمه إنه هو الواهب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر واشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمد عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صعب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدأ الصباح وأنور وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد
أيها المسلمون فإننا في شهر شعبان وسنتكلم حوله في نقاط ست لنبين فيها ما يجب عليه بيانه ونسأل الله تعالى أن يرزقنا علماً نافعاً وعمل صالح الأول بل النقطة الأولى صيام شعبان فهل يتميز صيام شعبان بصيام دون غيره من الشهور الجواب نعم فلقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكثر من الصيام فيه حتى كان يصومه إلا قليلا ولهذا من السنة أن يكثر الإنسان الصيام في شهر شعبان إقتداء برسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم النقطة الثانية صيام نصفه أي صيام يوم نصف بخصوصه فهذا وردت فيها أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يعمل بها لأن كل شيء لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه لا يجوز للإنسان أن يتعبد به لله وعلى هذا فلا يصام يوم النصف من شعبان بخصوصه لأن ذلك لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما لم يرد فإنه بدعة النقطة الثالثة فضل ليلة النصف منه وهذا أيضاً فيه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلى هذا فليلة النصف من شعبان كليلة النصف من رجب أو من ربيع أو من جمادى أو من غيرهن من الشهور لا تمتاز هذه الليلة أعني ليلة النصف من شعبان بشيء بل هي كغيرها من الليالي لأن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة النقطة الرابعة تخصيصها بقيام وهذا أيضاً بدعة لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يخصص تلك الليلة بقيام بل هي كغيرها من الليالي إن كان الإنسان أعتاد أن يقوم الليل فليقم تلك الليلة أسوة كغيرها من الليالي وإن كان ليس من عادته أن يقوم الليل فإنه لا يخصص ليلة النصف من شعبان بقيام لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبعد من ذلك أن بعض الناس يخصهها بركعات معدودة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذاً لا نخصص ليلتها بقيام النقطة الخامسة هل يكون تقدير القضاء في هذه الليلة بمعنى هل يقدر في تلك الليلة ما يكون في تلك السنة والجواب لا ليست ليلة القدر. ليلة القدر في رمضان قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) وقال الله تعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) وعلى هذا تكون ليلة القدر في رمضان لأنها الليلة لأنها الليلة التي أنزل الله فيها القرآن والقرآن نزل في شهر رمضان فيتعين أن تكون ليلة القدر في رمضان لا في غيره من الشهور ومن ذلك لليلة النصف من شعبان فإنها ليست ليلة القدر ولا يقدر فيها شيء مما يكون من تلك السنة بل هي كغيرها من الليالي النقطة السادسة صنع الطعام يوم النصف فإن بعض الناس يصنع طعام في يوم النصف من شعبان يوزعه على الفقراء ويقول هذا عشاء الأب أو هذا عشاء الوالدين وهذا أيضاً بدعة لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم فهذه ستة نقاط أحصيتها ولعل هناك أشياء أخرى لا أدري عنها ووجب على أن أبينها لكم وأسال الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن ينشرون السنة وينذرون عن البدعة وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين وأن يجعلنا وإياكم ممن يهتدون ويقتدون بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه خير الهدي كما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلن ذلك في خطبة يوم الجمعة يقول أما بعد خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة فأعلموا أيها المسلمون بذلك واقتدوا بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يقرنكم عمل الناس فإن الناس قد يعتادون أعمالاً صاغراً عن كابر دون أن تمحص هذه الأعمال ودون أن يتبن حكمها من الناحية الشرعية وأكثروا أيها المسلمون من الصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعظم الله لكم بها أجرا فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين و الصديقتين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم أرضى عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم واصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم أعز الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم إنا نسألك بأن نشهد أنت الله لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم يا منان يا بديع السماوات والأرض أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس دونك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء أنت القوي القهار أنت القوي العزيز الجبار نسألك اللهم بذلك أن تنزل بدولة الروس بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم أنزل بروسيا بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم أهلك طغاتهم وعلى رأسهم رئيسهم اللهم أهلكهم جميعا اللهم أفسد أمورهم اللهم شتت شملهم اللهم فرق جمعهم اللهم أهزم جندهم يا رب العالمين اللهم كما سلطتهم على إخواننا المسلمين في الشيشان فسلط عليهم من يسومهم سوء العذاب اللهم سلط عليهم من يسوهم سوء العذاب اللهم سلط عليهم من يسومهم سوء العذاب اللهم سلط عليهم من يسومهم سوء العذاب اللهم سلط عليهم من يذبح أبنائهم ويستحي نسائهم وأجعل ذلك بأيدي بعضهم على بعض يا رب العالمين اللهم ألقي بينهم العداوة والبغضاء اللهم ألقي بينهم العداوة والبغضاء والتمرد والشحنا إنك على كل شيء قدير اللهم أرنا بهم ما يسرنا عاجلاً غير آجل اللهم بددهم يا رب العالمين اللهم مزقهم كل ممزق اللهم فرقهم كل مفرق اللهم أبدلهم بعد القوة ضعفاء وبعد العز ذلا وبعد الكبرياء إهانة وخذلان يا رب العالمين اللهم اجعلهم نكالاً للعالمين اللهم شمت بهم الأعداء اللهم أقر بخذلانك إياهم الأولياء إنك علي شيء قدير الله عجل لنا بذلك يا رب العالمين اللهم عجل لنا بذلك يا رب العالمين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم أشدد وطأتك عليهم اللهم اشدد وطأتك عليهم يا رب العالمين إنك علي كل شيء قدير اللهم وأنزل بالصرب المعتدين بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم فرق جموعهم وأهزم جنودهم وأفسد أمورهم وأجعل تدبيرهم تدميراً عليهم يا رب العالمين اللهم إنهم يخادعون إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك اللهم فأمكن منهم اللهم أمنح إخواننا المسلمين رقابهم وأورثهم ديارهم وأموالهم يا رب العالمين اللهم إنا نسألك أن تعجل بذلك يا أرحم الراحمين اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب أهزم كل عدو للمسلمين سواء كان ظاهراً العداوة أو باطن العداوة اللهم أهزم كل عدو للمسلمين اللهم أهزم كل عدو للمسلمين يا رب العالمين من اليهود والنصارى والمشركين والعلمانيين وغيرهم يا أرحم الراحمين اللهم إنا نسألك أن تعز الإسلام والمسلمين في كل مكان إنك على كل شيء قدير أيها الأخوة المسلمون تعلمون ما حل بإخوانكم المسلمين في الشيشان من بطش هؤلاء الجبابرة الروس فاسألوا الله دائماً أن يخذل هؤلاء الروس وأن يردهم خائبين وأن ينصر إخوانكم في الشيشان فإنكم كما سمعتم في الخطبة الأولى أن مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر وإن الإنسان لينعصر قلبه آلماً حينما يشاهد صور أولئك الأخوان المسلمين الذين يحملون أمتعتم وأطفالهم هاربين من بطش الروس أسأل الله تعالى أن ينزل بهؤلاء الروس بطشهم الشديد عن قريب غير بعيد
أما بعد
فيا عباد الله فكروا فيما خلقتم أخلقتم لتتمتعوا كما تتمتع الأنعام أم خلقتم لعبادة الرحيم الرحمن إن تفكيراً قليلاً في هذا يبين للإنسان أنه إنما خلق لعبادة الواحد القاهر ألا وهو العزيز الغفار يقول الله عز وجل : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ثم فكروا أيها المسلمون بهذا الرسول الذي بعثه الله إليكم بشيراً ونذيرا وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا بعثه الله على حين فترة من الرسل وانطماس من السبل فدعى العباد إلى عبادة الواحد الأحد الديان وبين لهم ما يتبعونه من الهدى وحذرهم من اتباع الهوى بعثه الله عز وجل فأتم به مكارم الأخلاق وهداه إلى صراط مستقيم وهدى به من شاء من عباده إلى صراط مستقيم وهدى به من شاء من عباده إلى صراط المستقيم أيها المسلمون لقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمة على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يذيق عنها إلا هالك ولقد أنزل الله عليه في آخر حياته : (ِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) وإن من نعمة الله وإن من هذا الدين القويم أن جاء متمماً لمكارم الأخلاق في عبادة الله وفي معاملة عباد الله في كل شيء حتى قال أبو ذر لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما ولقد سبق لنا في جمعتين ماضيتين شيء من هذه الآداب التي أشرنا إليها وبقي آداب في الإسلام في معاملة الناس ونحن نذكر ما تيسر في هذه الخطبة سائلين الله تعالى أن يرزقنا القيام بحقه وحق العباد معاملة الناس تختلف بحسب اتصالك بهم فأولى الناس بك الوالدين الأم والأب وقد جاء في الكتاب والسنة من الحث على برهما وعدم عقوهما ما يكفي ويشفي إن حق الوالدين بعد حق الله ورسوله كما قال الله تعالى : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا) وقال عز وجل : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) ونحن في هذا نشير الي كلمات كثيرة ولعل الله أن ييسر لنا موقفاً يكون كلامنا على هذا أتم وأكمل ثم من بعد ذلك الأرحام وهم الأقارب من جهة الأم وجهة الأب فإن هؤلاء لهم حق معلوم حق معلوم بالعرف ندب إليه الشرع وقال النبي صلى الله عليه وسلم من أحب أن يبسط له في رزقه وينسى له في أثره فليصل رحمه أي فليصل قرابته فكل ما كان الناس بك أولى كان حقهم عليك أعلى ولهذا يجب على الإنسان على الجيران ما لا يجب على الإنسان البعيد منه في الدار فإن للجار حق عليك أن لا تزجره ولا تضجره ولا تهمل حقه كما قال الله تعالى : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ) إلى قوله (َالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ ) أما من ليس بينك وبهم صلة سوى الدين الإسلامي فأستمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك قال كلمة جامعة نافعة وهي أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً كل ما كنت أحسن خلق مع الناس كان ذلك أكمل في إيمانك تلقاهم ببشاشة الوجه ورحابة الصدر وحسن المنطق والتلطف والسؤال عن حالهم حتى كأنك أباً لصغيرهم وأخ لمن يساويك وابناً لمن كان أكبر منك فأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا وقال عليه الصلاة والسلام لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق إذا لقيت أخاك بوجه طلق فهذا من المعروف تؤجر عليه وتثاب عليه عند الله عز وجل وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر أرايت لو كان في أصغر عضو منك كالخنصر مثلاً لو كان فيه آلم ألم يكن بدنك كله يتألم إن هذا هو الحق فإذا كان كذلك فإن مثل المسلمين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر فإذا رأيت في أخيك ما يحتاج إلى معاونة ومساعده فأعينه وساعده وأعلم أنه متى كنت في حاجة أخيك كان الله في حاجتك والله في عون العبد ما دم العبد في عون أخيه وكما أمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإحسان الخلق مع الخلق فقد نهى عن إساءة الأخلاق مع الخلق ومن ذلك ما قاله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض المسلم أخو المسلك لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاثة مرات أي قال التقوى هاهنا التقوى هاهنا التقوى هاهنا بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن التحاسد أي لا يحسد أحدكم أخاه على ما أعطاه الله من فضله من مال أو علم أو غير ذلك من نعم الله عز وجل لا تحسد أخاك على ذلك فإن الذي قدره هو الله عز وجل الذي من عليه بفضله هو الله عز وجل وحسدك أخاك يعني أنك اعترضت على فضل الله عز وجل ولهذا قال الله تعالى منكراً ذلك : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَد) إذا رأيت أن الله انعم على أخيك بنعمه فأسال الله من فضله (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) إذا رأيت الله أنعم على أخيك بعلم فقل اللهم علمني كما علمته بمال اللهم ارزقني كما رزقته وهلم جراً لا تكره على ما أنعم الله به على أخيك فتكون فتكون مشابه لليهود الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله أما قوله ولا تناجشوا فالمناجشة كما قال العلماء أن يزيد الرجل في السلعة وهو لا يريد شراءها ولكن يريد أن ينكد على المشتري ليزيد الثمن عليه وهكذا يقال في الإجارة وفي غيرها من المعاملات لا تنجش على أخيك حتى تحرمه مما يرد أو تزيد عليه في طلبه وأما التباغض فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه ولكن قد يقول قائل إن البغضاء والمحبة قد لا يتمكن الإنسان من صرفها قد لا يتمكن الإنسان من صرف المحبة عن من يحب أو إلقاء البغضاء في من لا يحب فيقال أترك السباب الموجبة لذلك اترك السباب الموجبة للبغضاء وهذا يعني أنك نفذت قول الرسول صلى الله عليه وسلم لا تباغضوا كل ما حدثتك نفسك بشيء عن أخيك يوجب بغضاءه فأعرض عن هذا الحديث وأطرح ولا تجعل في قلبك بغضاء على أخيك وأما قوله ولا تدابروا فالمعنى أن لا يلقي بعضكم بعضاً دبره ومعنى هذا أن لا تكون مخالفاً له ومنازعاً له ومشاقاً له في أمر لا يجب عليه بل كن أنت وإياه على وجه واحدة بدون تدابر حتى تأتلف الكلمة وحتى تتواد القلوب فإن هذا هو مراد الشرع من المعاملات بين المسلمين وأما قوله ولا يبع بعضكم على بيع بعض فالمعنى إنك إذا رأيت إنسان أشترى سلعه بمائة فلا تذهب وتقول أنا أعطيك مثلها بتسعين أو أعطيك أحسن منها بمائة فإن هذا بيع على بيع أخيك وهكذا أيضاً الشراء على شراءه وهكذا الاستئجار والتأجير على تأجيره واستجأره فإن ذلك كله عدوان ولا يحل للمسلم أن يفعل ذلك بل قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يسوم على سومه أي إذا رأيت البائع قد أطمئن على سوم هذا الرجل وأراد أن يبع عليه فإنه لا يجوز لك أن ترفع السعر وتسوم على سومه لأن البائع قد قنع بما أعطاه هذا المشتري فلا تسم على سومه وأما قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المسلم أخو المسلم فما أجملها من كلمة وما أحلاها إن الإنسان إذا شعر أنه أخو أخيه المسلم فإنه سوف يعامله معاملة الأخ في النسب فلا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يظلمه لا يعتدي عليه يأخذ منه ما ليس له أو يجحد ما هو له ولا يخذله أي لا يتأخر عن نصره في موضع يحتاج إلي نصره ولا يكذبه أي لا يحدثه بالكذب ولا يحقره أي لا يحتقره فلا يعده شيئا كل ذلك مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يتخلقون بالأخلاق الفاضلة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاثة مرات وهذه كلمة عظيمة كلمة حق لكن بعض الناس يستعملها في الباطل تنهاه عن معصية من المعاصي كحلق اللحية مثلاً فإن حلق اللحية محرم والإصرار عليه يجعله من كبائر الذنوب تنصحه عن ذلك فيقول لك التقوى هاهنا يعني في القلب فيدلي بكلمة حق لكنه يريد بها باطلاً يريد بها أن يستحل ما دلت الأدلة على تحريمه ولكننا نقول له بكل ببساطة نقول له لو أتقى ما هاهنا لأتقي ما هاهنا أي لو أتقى الباطل لأتقى الظاهر لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ثم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم يعني لو لم يكن له من الشر إلا أن يحقر أخاه المسلم لكان ذلك كافياً وهذا يدل على عظم احتقار أخيك المسلم ثم قال كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وقال النبي صلى الله عليه وسلم من نفث عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفث الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة والله كان في عون العبد ما كان في عون أخيه وقوله صلى الله عليه وسلم من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة كلمة حق ولكن بعض الناس يستعملها في الباطل يرى الإنسان الذي لا يبالي في المعصية يرى الإنسان المدمن عليها أي على المعصية فيحاول أن يستره ويستدل بهذا الحديث من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ولكن المراد بذلك المسلم الذي يستحق إن يستر عليه مثل أن يذل ذله ليست من دأبه ولا من شأنه ولكن نفسه سولت له بذلك ففعلها وهذا هو الذي يستحق أن يستر عليه أما من عرف بالإجرام والتمرد فإنه لا يستر عليه لأن المصلحة تقتضي أن يبين أمره إلي ولاة الأمور حتى يجروا عليه ما يجب عليه أيها المسلمون تأدبوا بآداب الإسلام التي جاء بها خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام تنالوا بذلك درجات الكمال والثواب فإن الله تعالى يقول : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أسال الله تعالى أن يجعلني وإياكم من فاعل الخيرات والدعاء إلي رب البريئات وأن يهب لنا منه رحمه إنه هو الواهب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر واشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمد عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صعب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدأ الصباح وأنور وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد
أيها المسلمون فإننا في شهر شعبان وسنتكلم حوله في نقاط ست لنبين فيها ما يجب عليه بيانه ونسأل الله تعالى أن يرزقنا علماً نافعاً وعمل صالح الأول بل النقطة الأولى صيام شعبان فهل يتميز صيام شعبان بصيام دون غيره من الشهور الجواب نعم فلقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكثر من الصيام فيه حتى كان يصومه إلا قليلا ولهذا من السنة أن يكثر الإنسان الصيام في شهر شعبان إقتداء برسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم النقطة الثانية صيام نصفه أي صيام يوم نصف بخصوصه فهذا وردت فيها أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يعمل بها لأن كل شيء لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه لا يجوز للإنسان أن يتعبد به لله وعلى هذا فلا يصام يوم النصف من شعبان بخصوصه لأن ذلك لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما لم يرد فإنه بدعة النقطة الثالثة فضل ليلة النصف منه وهذا أيضاً فيه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلى هذا فليلة النصف من شعبان كليلة النصف من رجب أو من ربيع أو من جمادى أو من غيرهن من الشهور لا تمتاز هذه الليلة أعني ليلة النصف من شعبان بشيء بل هي كغيرها من الليالي لأن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة النقطة الرابعة تخصيصها بقيام وهذا أيضاً بدعة لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يخصص تلك الليلة بقيام بل هي كغيرها من الليالي إن كان الإنسان أعتاد أن يقوم الليل فليقم تلك الليلة أسوة كغيرها من الليالي وإن كان ليس من عادته أن يقوم الليل فإنه لا يخصص ليلة النصف من شعبان بقيام لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبعد من ذلك أن بعض الناس يخصهها بركعات معدودة لم ترد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذاً لا نخصص ليلتها بقيام النقطة الخامسة هل يكون تقدير القضاء في هذه الليلة بمعنى هل يقدر في تلك الليلة ما يكون في تلك السنة والجواب لا ليست ليلة القدر. ليلة القدر في رمضان قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) وقال الله تعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) وعلى هذا تكون ليلة القدر في رمضان لأنها الليلة لأنها الليلة التي أنزل الله فيها القرآن والقرآن نزل في شهر رمضان فيتعين أن تكون ليلة القدر في رمضان لا في غيره من الشهور ومن ذلك لليلة النصف من شعبان فإنها ليست ليلة القدر ولا يقدر فيها شيء مما يكون من تلك السنة بل هي كغيرها من الليالي النقطة السادسة صنع الطعام يوم النصف فإن بعض الناس يصنع طعام في يوم النصف من شعبان يوزعه على الفقراء ويقول هذا عشاء الأب أو هذا عشاء الوالدين وهذا أيضاً بدعة لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم فهذه ستة نقاط أحصيتها ولعل هناك أشياء أخرى لا أدري عنها ووجب على أن أبينها لكم وأسال الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن ينشرون السنة وينذرون عن البدعة وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين وأن يجعلنا وإياكم ممن يهتدون ويقتدون بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه خير الهدي كما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلن ذلك في خطبة يوم الجمعة يقول أما بعد خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة فأعلموا أيها المسلمون بذلك واقتدوا بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يقرنكم عمل الناس فإن الناس قد يعتادون أعمالاً صاغراً عن كابر دون أن تمحص هذه الأعمال ودون أن يتبن حكمها من الناحية الشرعية وأكثروا أيها المسلمون من الصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعظم الله لكم بها أجرا فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين و الصديقتين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم أرضى عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم واصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم أعز الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم إنا نسألك بأن نشهد أنت الله لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم يا منان يا بديع السماوات والأرض أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس دونك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء أنت القوي القهار أنت القوي العزيز الجبار نسألك اللهم بذلك أن تنزل بدولة الروس بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم أنزل بروسيا بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم أهلك طغاتهم وعلى رأسهم رئيسهم اللهم أهلكهم جميعا اللهم أفسد أمورهم اللهم شتت شملهم اللهم فرق جمعهم اللهم أهزم جندهم يا رب العالمين اللهم كما سلطتهم على إخواننا المسلمين في الشيشان فسلط عليهم من يسومهم سوء العذاب اللهم سلط عليهم من يسوهم سوء العذاب اللهم سلط عليهم من يسومهم سوء العذاب اللهم سلط عليهم من يسومهم سوء العذاب اللهم سلط عليهم من يذبح أبنائهم ويستحي نسائهم وأجعل ذلك بأيدي بعضهم على بعض يا رب العالمين اللهم ألقي بينهم العداوة والبغضاء اللهم ألقي بينهم العداوة والبغضاء والتمرد والشحنا إنك على كل شيء قدير اللهم أرنا بهم ما يسرنا عاجلاً غير آجل اللهم بددهم يا رب العالمين اللهم مزقهم كل ممزق اللهم فرقهم كل مفرق اللهم أبدلهم بعد القوة ضعفاء وبعد العز ذلا وبعد الكبرياء إهانة وخذلان يا رب العالمين اللهم اجعلهم نكالاً للعالمين اللهم شمت بهم الأعداء اللهم أقر بخذلانك إياهم الأولياء إنك علي شيء قدير الله عجل لنا بذلك يا رب العالمين اللهم عجل لنا بذلك يا رب العالمين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم أشدد وطأتك عليهم اللهم اشدد وطأتك عليهم يا رب العالمين إنك علي كل شيء قدير اللهم وأنزل بالصرب المعتدين بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين اللهم فرق جموعهم وأهزم جنودهم وأفسد أمورهم وأجعل تدبيرهم تدميراً عليهم يا رب العالمين اللهم إنهم يخادعون إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك اللهم فأمكن منهم اللهم أمنح إخواننا المسلمين رقابهم وأورثهم ديارهم وأموالهم يا رب العالمين اللهم إنا نسألك أن تعجل بذلك يا أرحم الراحمين اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب أهزم كل عدو للمسلمين سواء كان ظاهراً العداوة أو باطن العداوة اللهم أهزم كل عدو للمسلمين اللهم أهزم كل عدو للمسلمين يا رب العالمين من اليهود والنصارى والمشركين والعلمانيين وغيرهم يا أرحم الراحمين اللهم إنا نسألك أن تعز الإسلام والمسلمين في كل مكان إنك على كل شيء قدير أيها الأخوة المسلمون تعلمون ما حل بإخوانكم المسلمين في الشيشان من بطش هؤلاء الجبابرة الروس فاسألوا الله دائماً أن يخذل هؤلاء الروس وأن يردهم خائبين وأن ينصر إخوانكم في الشيشان فإنكم كما سمعتم في الخطبة الأولى أن مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر وإن الإنسان لينعصر قلبه آلماً حينما يشاهد صور أولئك الأخوان المسلمين الذين يحملون أمتعتم وأطفالهم هاربين من بطش الروس أسأل الله تعالى أن ينزل بهؤلاء الروس بطشهم الشديد عن قريب غير بعيد
منقول من موقع سماحة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -