أهلاً وسهلاً و مرحباً بزوار المدونة السلفية القحطانية :: و نسأل الله أن ينفعنا و إياكم بما يُنشر في هذه المدونة من العلم النافع المستمد من الكتاب و السنة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، في أسفل هذه الصورة تجدون جديد المدونة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، في أسفل هذه الصورة تجدون جديد المدونة
صفحة الإعلانات الدعوية : سنوافيكم بما يستجد - بإذن الله -

الأربعاء، 12 مارس 2014

تَحْذَيِرُ الأَشْرَارِ وَالسُفَهَاءِ مِنْ خُطُورَةِ الطَعْن في المَشَايِخِ وَالدُعَاةِ والعُلَمَاء

بسم الله الرحمن الرحيم


تَحْذَيِرُ الأَشْرَارِ وَالسُفَهَاءِ مِنْ خُطُورَةِ الطَعْن في المَشَايِخِ وَالدُعَاةِ والعُلَمَاء
 
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمدٍ وعلى آله وصحبه.
أمَّا بعد ...

فعلماء أهل السنة والجماعة في كل مكانٍ وزمان هم مصابيح الدجى ومنارات الهدى وصمامُ أمانٍ للمجتمعات يدلون الناس على طُرق الخير والطاعات والهدى ، ويحذرونهم من طُرق الشر والمعاصي والردى.
وقد أثنى الله – سبحانه وتعالى – في كتابه الكريم على العلماء في أكثر من آية فقال – عز وجل - : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).

قال الإمام الحافظ ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره :

(أي : إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به ؛ لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى كلما كانت المعرفة به أتمّ والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر).

وقال الله – سبحانه وتعالى - : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

قال الإمام الحافظ ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره :
(شهد - تعالى - وكفى به شهيدا، وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم، وأصدق القائلين{ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ } أي : المتفَرد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن الجميع عبيده وخلقه، والفقراء إليه، وهو الغني عما سواه كما قال تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزلَ إِلَيْكَ أَنزلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} الآية [ النساء : 166 ].ثم قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته فقال: { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ } وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام).

وقد أمرنا الله – سبحانه وتعالى – بالرجوع إلى العلماء كما في قوله :
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).

قال الإمام الشوكاني – رحمه الله – في كتابه "فتح القدير" :
(قوله : { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمن أَوِ الخوف أَذَاعُواْ بِهِ } يقال : أذاع الشيء وأذاع به : إذا أفشاه ، وأظهره ، وهؤلاء هم جماعة من ضعفة المسلمين كانوا إذا سمعوا شيئاً من أمر المسلمين فيه أمن نحو ظفر المسلمين ، وقتل عدوّهم ، أو فيه خوف نحو هزيمة المسلمين وقتلهم أفشوه ، وهم يظنون أنه لا شيء عليهم في ذلك.
قوله : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرسول وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ } وهم أهل العلم والعقول الراجحة الذين يرجعون إليهم في أمورهم أو هم الولاة عليهم { لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } أي : يستخرجونه بتدبيرهم وصحة عقولهم . والمعنى : أنهم لو تركوا الإذاعة للأخبار حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يذيعها ، أو يكون أولي الأمر منهم هم الذين يتولون ذلك؛ لأنهم يعلمون ما ينبغي أن يفشى ، وما ينبغي أن يكتم).

قال العلامة صالح الفوزان – حفظه الله – في كتابه " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 3 ص 119 :
(وكذلك الله سبحانه وتعالى أمرنا بالرجوع إلى أهل العلم وأهل الفقه عند المشكلات وسؤالهم ؛ لأنهم هم الذين يعرفون أحكام الله على الحقيقة ولا يتخرصون وإنما يقولون بما يعلمونه من كتاب الله وسنة رسوله ، قال تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [الأنبياء : 7].
وأهل العلم أيضاً هم أهل الثبات عند فتن الشهوات أو الشبهات).

وقال سماحته :
(أمر - سبحانه وتعالى - من لا علم عنده أن يسأل أهل العلم ، وبذلك يزول جهله ويهتدي إلى الصواب .
وما أمر - سبحانه وتعالى - بسؤال أهل الذكر إلا لأنه يجب قبول قولهم والعمل بما يرشدون إليه وأن لا نصدر إلا عن آرائهم وأقوالهم ما دامت أﻧﻬا على الصواب وحسب الدليل ما لم يظهر لنا خطأ شيء منها أو مخالفته لدليل ، فإنه يجب علينا الأخذ بذلك ؛ لأن الله أرشدنا لذلك ولو لم نسأل أهل العلم لبقينا في الجهل ولوقعنا في الخطر ولم نصل إلى الصواب ، لا نعتمد على آرائنا أو أقوال الجهال أو المتحرصين في المسائل ، وإنما نرجع إلى أهل العلم ونفزع إلى أهل العلم عند المشكلات).

وقال الله – عز وجل – مبيناً فضل أهل العلم :
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ).

قال الإمام الطبري – رحمه الله – في تفسيره :
(يقول - تعالى ذكره - : قل يا محمد لقومك : هل يستوي الذين يعلمون ما لهم في طاعتهم لربهم من الثواب، وما عليهم في معصيتهم إياه من التبعات، والذين لا يعلمون ذلك، فهم يخبطون في عشواء، لا يرجون بحسن أعمالهم خيرا، ولا يخافون بسيئها شرا؟ يقول: ما هذان بمتساويين).

وقال – رحمه الله - : (وقوله :( إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ ) يقول تعالى ذكره : إنما يعتبر حجج الله، فيتعظ، ويتفكر فيها، ويتدبرها أهل العقول والحجى، لا أهل الجهل والنقص في العقول).

وقال الله – سبحانه وتعالى – مبيناً منزلة ومكانة العلماء :
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

قال الإمام البغوي – رحمه الله – في تفسيره :
( { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِين آمَنُوا مِنْكُمْ } بطاعتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم وقيامهم من مجالسهم وتوسعتهم لإخوانهم { وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } من المؤمنين بفضل علمهم وسابقتهم "درجات").

وقال الإمام العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – في تفسيره :
(والله تعالى يرفع أهل العلم والإيمان درجات بحسب ما خصهم الله به، من العلم والإيمان).

وقال العلامة القرطبي – رحمه الله – في تفسيره :
(قوله تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } أي في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم وقال ابن مسعود مدح الله العلماء في هذه الآية والمعنى أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات أي درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به).

وقال العلامة صالح الفوزان – حفظه الله – في كتابه " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 3 ص 118 – 119 :

(الله - سبحانه وتعالى – أمر بإفساح المجلس لأهل العلم ولا سيما مجلس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تقديمهم وتصديرهم ؛ لأن الله – سبحانه وتعالى – رفعهم بعلمهم وإيمانهم فقال الله – سبحانه وتعالى - : (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة : 11].
وهذه الدرجات لا يعلمها إلا هو – سبحانه وتعالى – فهو رفعهم هذه الدرجات لصفتين لا من أجل أشخاصهم وأنسابهم وأموالهم أو من أجل مظهرهم أو منظرهم وإنما رفعهم درجات بموجب صفتين : الإيمان والعلم ، فقال – تعالى - : (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة : 11].
فكفى بهذا شرفاً لأهل العلم العاملين بعلمهم بطاعة الله – سبحانه وتعالى – فإنهم أعلى الناس منزلة بعد النبيين ، وقال تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر : 9].
نفى الله – سبحانه وتعالى – في هذه الآية مساواة الذين لا يعلمون بالعلماء فهم لا يستوون عند الله – سبحانه وتعالى - ؛ لأن العلم رفعهم ، فبالعلم والإيمان والعمل الصالح هم أرفع من غيرهم فلا يتساوى من رفعه الله ومن هو دونه حتى لو كان من أهل الإيمان فالمؤمنون لهم فضل عظيم ولكن لا يستوي العالم والجاهل منهم فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء).

وقد بين نبينا محمد – عليه الصلاة والسلام – في كثيرٍ من سنته فضل العلماء ، ومما جاء في بيان فضل العلماء ما رواه أحمد والترمذي من حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :
(ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه).

قال المناوي – رحمه الله – في فيض القدير :
(قال الحكيم : إجلال الكبير هو حق سنه لكونه تقلب في العبودية لله في أمد طويل ورحمة الصغير موافقة لله فإنه رحم ورفع عنه العبودية ومعرفة حق العالم هو حق العلم بأن يعرف قدره بما رفع الله من قدره فإنه قال : (يرفع الله الذين آمنوا منكم) (المجادلة : 11) ثم قال : (والذين أوتوا العلم درجات) فيعرف له درجته التي رفع الله له بما آتاه من العلم).

وقال القرطبي – رحمه الله – في كتابه " المفهم " :
[وفيه من أدب الفقه التذلل ، والتواضع للعالم ، وبين يديه ، واستئذانه في سؤاله ، والمبالغة في احترامه وإعظامه ، ومن لم يفعل هكذا فليس على سنة الأنبياء ، ولا على هديهم ، كما قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: (ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه)].

وروى الإمام أبو داود السجستاني – رحمه الله – من حديث أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال : (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ")

قال العلامة عبد المحسن العباد – حفظه الله – في شرحه على سنن أبي داود :
(والعلم الذي يأتي مدحه والثناء عليه في الكتاب والسنة، وكذلك العلماء الذي يأتي الثناء عليهم في الكتاب والسنة، المقصود بذلك: العلم الشرعي، وعلماء الشريعة، والعلم الشرعي هو: علم كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه سلف هذه الأمة، هذا هو العلم المحمود الممدوح الذي أُثني عليه وعلى أهله في كتاب الله - عز وجل - وسنة نبيه محمد صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

وقد بدأ أبو داود في هذا بباب الحث على طلب العلم، يعني: الترغيب فيه، وأورد فيه حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وهو مشتمل على خمس جمل، وكل جملة من هذه الجمل الخمس تدل على فضل العلم الشرعي وفضل أهله. أول هذه الجمل قوله: (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة) وهذا فيه أن الجزاء من جنس العمل، فكما أن الإنسان سلك طريقاً للعلم فجزاؤه أنه يُسهل له طريق الجنة، والجزاء من جنس العمل، فالعمل هو: سلوك طريق يوصل إلى العلم، والجزاء هو : تسهيل وتيسير طريق يوصل إلى الجنة، فهذا يدل على فضل العلم، وأن شأنه عظيم، وفضله كبير، وأن من سلك الطريقة الموصلة إلى العلم فإنه يجازى على ذلك بأن ييسر له الطريق والسبيل التي توصله إلى الجنة، هذه هي الجملة الأولى من الجمل الخمس.
الجملة الثانية : (وإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم)، ووضع أجنحة الملائكة لطالب العلم قيل : هو كونها تتواضع له وتخضع، وتحرص على أن تحيط وتحضر تلك المجالس الخيرة الطيبة، فإن المجالس التي تحضرها الملائكة هي مجالس العلم. وقيل: معنى وضع أجنحتها : أنها تنتهي من طيرانها وسيرها وتقف عنده، وتحضر ذلك المجلس الذي هو مجلس الذكر ومجلس العلم، وهذا يدل على فضل العلم، وفضل أهله، وفضل مجالس العلم.
الجملة الثالثة : (وإن العالم يستغفر له من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء) وهذا شيء عظيم، فكون هذه المخلوقات الكثيرة العلوية والسفلية، السماء بما فيها من ملائكة، والأرض وما فيها من دواب وحيوانات في البر والبحر؛ كلها تستغفر لطالب العلم، هذا شيء عظيم ! فهذا شأن العوالم الكثيرة والخلائق الكثيرة في السماوات وفي الأرض مع طالب العلم، حيث تستغفر له وتدعو له، وهذا شرف عظيم.
والسماء فيها ملائكة لا يحصيهم إلا الله عز وجل؛ فإن البيت المعمور - وهو في السماء السابعة محاذ للكعبة ولو سقط لسقط عليها - يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة، ومن دخله لا يعود إليه مرة أخرى، وهذا يدل على كثرتهم، وأنهم خلق كثير، وكل هؤلاء يستغفرون لطالب العلم، ويدعون لطالب العلم ! فهذا شرف وفضل كبير من الله سبحانه وتعالى للمشتغل بعلم الشريعة علم الكتاب والسنة، علم (قال الله وقال رسوله وقال الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم). وقيل : إن هذه الدواب تستغفر لطالب العلم؛ لأنه يشتغل بشيء يعود عليها نفعه، ويعود عليها فائدته؛ وذلك أن العلم الشرعي فيه الرفق بهذه الحيوانات وهذه الدواب، وكذلك الحث على الإنفاق عليها ممن يكون مالكاً لها، فيصل إليها نفع العالم ونفع طالب العلم؛ لأنه يظهر الشيء الذي يعم نفعه حتى يصل إلى هذه الدواب، وهذه المخلوقات.
الجملة الرابعة : (وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب) يعني : كفضل القمر في وقت الإبدار الذي هو ليلة أربع عشرة، وخمس عشرة، والكواكب لها ضوء ولكنه ضعيف أمام ضوء القمر، فالفرق بين العالم والعابد أن العالم شأنه كشأن القمر، والعابد شأنه كشأن الكواكب، وذلك أن العابد نفعه مقصور عليه لا يتعداه إلى غيره، فالذي يصلي ويكثر من الصلاة فصلاته له، ولا أحد يشاركه في صلاته، لكن الذي يشتغل بالعلم ويتعلم ويعلم ويرشد ويوجه ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فعلمه له ولغيره، فالصلاة للمصلي وحده، والعلم لصاحب العلم ولغير صاحب العلم، فنفعه متعدٍ، فالصلاة أو العبادة نفعها قاصر على صاحبها؛ ولهذا كان فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب.
الجملة الخامسة : (وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر) فشرف عظيم للعلماء أن يقال : إنهم ورثة الأنبياء، وأن يوصفوا بأنهم وارثو الأنبياء، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورث عنهم المال، ولم يرسلوا لجمع المال، وتركه لأقاربهم الوارثين، بل المال لا يورث عنهم، وقد جاء عن - النبي صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث؛ ما تركناه صدقة).
إذاً : فميراثهم واسع ومبذول لكل أحد، وليس للأقارب دون غيرهم، ولا لأحد دون أحد، وإنما هو لكل أحد مبذول، ومن أراد أن يحصل العلم فالباب مفتوح، والطريق سالك، فما عليه إلا أن يقدم ويحرص على أن يحصل على نصيب من هذا الميراث الذي هو ميراث النبوة؛ ولهذا كان العلماء ورثة الأنبياء؛ لأن الأنبياء جاءوا بالعلم النافع، والعلماء هم الذين يرثونهم ويتلقون ذلك الميراث، ويحافظون عليه، ويعنون به، وينشرونه ويبذلونه ويعملون بما فيه، ويدعون الناس إلى العمل بما فيه، هذا هو شأن العلماء.
إذاً : فالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ليس ميراثهم لأقاربهم، وإنما هو عام لكل أحد؛ لأن المال لا يورث عنهم، وإنما يورث عنهم العلم، ويورث عنهم الحق والهدى، هذا هو ميراثهم، وهو مبذول لكل أحد، وبابه مفتوح لكل أحد، ولا يختص به أحد دون أحد، ولذا - قال عليه الصلاة والسلام - : (وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وانما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر).
والحاصل : أن هذا حديث عظيم اشتمل على خمس جمل كل واحدة منها تدل على فضل العلم وأهل العلم).

وقال العلامة عبد المحسن العباد – حفظه الله - :
(وأما هل الحيتان هي التي تستغفر فقط أم جميع الكائنات التي في البحر؟ فالجواب : أن حيوانات البر والبحر والعوالم التي في السماء وهم الملائكة يستغفرون لطالب العلم ؛ لقوله : " يستغفر له من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء ".
سبب ذكر القمر دون الشمس :
وأما سبب ذكر القمر مع أن الشمس أنفع للناس فهو أن القمر يهتدى به في الظلام، والنجوم يهتدى بها، ولكن الاهتداء بالنجوم هو دون الاهتداء بالقمر، وذكر القمر والنجوم لأنها هي التي تكون في الليل والناس يستفيدون منها في الظلام، وهذا يعني أن ظلمات الجهل تبدد بنور وضياء العلم.
وهذا فيه فضل العالم، ويدخل فيه فضل طالب العلم؛ لقوله: (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم)، فطالب العلم مشتغل بالوصول إلى هذه الغاية، ولا شك أن له نصيباً من هذا الثواب والفضل).
[المصدر السابق]

ومن أقوال أئمة السلف في الثناء على أهل العلم وخطورة الطعن فيهم :

[1] قال الإمام الطحاوي – رحمه الله - :
(وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين - أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر - لا يُذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل).

قال العلامة صالح الفوزان – حفظه الله – عند شرحه على هذه الجملة :
(لما فرغ - رحمه الله - من حقوق الصحابة وأهل البيت، وما يجب لهم من المحبة والموالاة، وعدم التنقُّص لأحد منهم انتقل إلى الذين يلونهم في الفضيلة وهم العلماء، فعلماء هذه الأمة لهم منزلة وفضل بعد الصحابة؛ لأنهم ورثة الأنبياء؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "العلماء ورثة الأنبياء" والمراد بهم : علماء أهل السنة والجماعة، أهل العلم والنظر والفقه، وأهل الأثر، وهم أهل الحديث.
فالعلماء على قسمين :
القسم الأول : علماء الأثر، وهم المحدثون الذين اعتنوا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وحفظوها وذبُّوا عنها، وقدموها للأمة صافية نقية، كما نطق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبعدوا عنها كل دخيل وكل كذب، فنحوا الأحاديث الموضوعة وبينوها وحاصروها، فهؤلاء يسمون : علماء الرواية.
القسم الثاني : وهم الفقهاء، وهم الذين استنبطوا الأحكام، من هذه الأدلة، وبينوا فقهها، وشرحوها وبينوها للناس، فهؤلاء يسمون: علماء الدراية.
ومنهم من جمع بين العلمين، ويسمون: فقهاء المحدثين، كالإمام أحمد، ومالك، والشافعي، والبخاري.
وكل هؤلاء العلماء لهم فضل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها" فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا لهم ومدحهم.
فالعلماء قاموا بما أوجب الله عليهم من حماية الدين والعقيدة، فبينوا الأحكام، والمواريث، والحلال والحرام، وبينوا أيضاً فقه الكتاب والسنة، فجعلوا للأمة ثروة عظيمة يستفاد منها ويقاس عليها ما يجد من مشاكل.
والفقه على قسمين:
القسم الأول: الفقه الأكبر، وهو فقه العقيدة.
القسم الثاني: وهو فقه عملي، لا يقل عن الفقه الأكبر من حيث الأهمية، وهو فقه الأحكام العملية.
وفي فضل العلماء جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب" وذلك لأن نفعهم يتعدّى، وفي رواية: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" فالعلماء لهم احترام ومنزلة.
فلا يجوز الطعن فيهم وتنقصهم حتى لو حصل من بعضهم خطأ في الاجتهاد، فهذا لا يقتضي تنقصهم؛ لأنهم قد يخطئون، ومع ذلك هم طالبون للحق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد" وهذا في حق العلماء وليس المتعالمين؛ لأنه لا يحق لهم أن يدخلوا فيما لا يحسنون).
من كتاب : " التعليقات الأثرية على العقيدة الطحاوية "

[2] وقال الإمام الآجري – رحمه الله – في مقدمة كتابه " أخلاق العلماء " :
(فإن الله عز وجل ، وتقدست أسماؤه ، اختص من خلقه من أحب ، فهداهم للإيمان ، ثم اختص من سائر المؤمنين من أحب ، فتفضل عليهم ، فعلمهم الكتاب والحكمة وفقههم في الدين ، وعلمهم التأويل وفضلهم على سائر المؤمنين ، وذلك في كل زمان وأوان ، رفعهم بالعلم وزينهم بالحلم ، بهم يعرف الحلال من الحرام ، والحق من الباطل ، والضار من النافع ، والحسن من القبيح . فضلهم عظيم ، وخطرهم جزيل ، ورثة الأنبياء ، وقرة عين الأولياء ، الحيتان في البحار لهم تستغفر ، والملائكة بأجنحتها لهم تخضع ، والعلماء في القيامة بعد الأنبياء تشفع ، مجالسهم تفيد الحكمة ، وبأعمالهم ينزجر أهل الغفلة ، هم أفضل من العباد ، وأعلى درجة من الزهاد ، حياتهم غنيمة ، وموتهم مصيبة ، يذكرون الغافل ، ويعلمون الجاهل ، لا يتوقع لهم بائقة ، ولا يخاف منهم غائلة ، بحسن تأديبهم يتنازع المطيعون ، وبجميل موعظتهم يرجع المقصرون ، جميع الخلق إلى علمهم محتاج ، والصحيح على من خالف بقولهم محجاج.
الطاعة لهم من جميع الخلق واجبة ، والمعصية لهم محرمة ، من أطاعهم رشد ، ومن عصاهم عند ، ما ورد على إمام المسلمين من أمر اشتبه عليه ، حتى وقف فيه فبقول العلماء يعمل ، وعن رأيهم يصدر ، وما ورد على أمراء المسلمين من حكم لا علم لهم به فبقولهم يعملون ، وعن رأيهم يصدرون ، وما أشكل على قضاة المسلمين من حكم ، فبقول العلماء يحكمون ، وعليه يعولون ، فهم سراج العباد ، ومنار البلاد ، وقوام الأمة ، وينابيع الحكمة ، هم غيظ الشيطان ، بهم تحيا قلوب أهل الحق ، وتموت قلوب أهل الزيغ ، مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء ، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر ، إذا انطمست النجوم تحيروا ، وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا ، فإن قال قائل : ما دل على ما قلت ؟ قيل له : الكتاب ، ثم السنة.
فإن قال : فاذكر منه ، إذا ما سمعه المؤمن ، سارع في طلب العلم ، ورغب فيما رغبه الله عز وجل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قيل له : أما دليل القرآن فإن الله عز وجل قال : (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير).
فوعد الله عز وجل المؤمنين أنه يرفعهم ، ثم خص العلماء منهم بفضل الدرجات.
وقال الله عز وجل : (إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور).
فأعلم خلقه أنه إنما يخشاه العلماء به .
وقال عز وجل : (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب).
وقال عز وجل : (ولقد آتينا لقمان الحكمة).
وقال عز وجل : (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون).
وقال عز وجل : (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم).
يقال : فقهاؤهم وعلماؤهم.
وقال عز وجل : (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون).
وقال عز وجل : (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) إلى قوله : (واجعلنا للمتقين إماما) ، قال محمد بن الحسين : وهذا النعت ونحوه في القرآن ، يدل على فضل العلماء ، وأن الله عز وجل جعلهم أئمة للخلق يقتدون بهم).

[3] وقال الإمام الحافظ ابن عساكر – رحمه الله – في مقدمة كتاب " تبيين كذب المفتري " :
(اعلم يا أخي - وفقني الله وإياك لمرضاتِهِ وجعلني وإياك ممن يتقيه حق تقاته - أن لحومَ العلماءِ مسمومة، وعادةُ الله في هتكِ أستار منتقصيهم معلومة وأن من أطال لسانَه في العلماءِ بالثلبِ بلاه الله قبل موته بموت القلب {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}).

[4] وقال الإمام الصابوني – رحمه الله – في كتابه " عقيدة السلف أصحاب الحديث " :
(وسمعت أبا منصور محمد بن عبد الله بن حماد العالم الزاهد يقول: سمعت أبا القاسم جعفر بن أحمد المقري الرازي يقول : قرأ علي عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي وأنا أسمع: سمعت أبي يقول : عني به الإمام في بلده أباه أبا حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي يقول : علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر)

[5] وقال سماحة العلامة صالح الفوزان – حفظه الله – :
(وأما الوقيعة في علماء هذه البلاد، وأنهم لا يناصحون، أو أنهم مغلوبون على أمرهم، فهذه طريقة يُقْصد بها الفصل بين العلماء وبين الشباب والمجتمع؛ حتى يتسنى للمفسد زرع شروره، لأنه إذا أسيء الظن بالعلماء فُقدت الثقة بهم، وسنحت الفرصة للمغرضين في بث سمومهم .
وأعتقد أن هذه الفكرة دسيسة دخيلة على هذه البلاد وأهلها من عناصر أجنبية، فيجب على المسلمين الحذر منها).
من كتاب : " الأجوبة المفيدة "

وقال سماحته :
يجب احترام علماء المسلمين، لأنهم ورثة الأنبياء .
والاستخفاف بهم يُعتبر استخفافاً بمقامهم، ووراثتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، واستخفافاً بالعلم الذي يحملونه .
ومن استخفّ بالعلماء استخفّ بغيرهم من المسلمين من باب أولى . فالعلماء يجب احترامهم لعلمهم ولمكانتهم في الأمة، ولمسئوليّتهم التي يتولونها لصالح الإسلام والمسلمين، وإذا لم يوثق بالعلماء فبمن يوثق؟، وإذا ضاعت الثقة بالعلماء فإلى من يرجع المسلمون لحل مشاكلهم، ولبيان الأحكام الشرعية ؟. وحينئذ تضيع الأمة، وتشيع الفوضى .
والعالِم إذا اجتهد وأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، والخطأ مغفور .
وما من أحد استخفّ بالعلماء إلاّ وقد عرّض نفسه للعقوبة ، والتاريخ خير شاهد على ذلك قديمًا وحديثًا، ولاسيّما إذا كان هؤلاء العلماء ممن وُكِلَ إليهم النظر في قضايا المسلمين، كالقُضاة، وهيئة كبار العلماء) من كتاب : " الأجوبة المفيدة ".

وقال سماحته : (لا سيما وأننا نسمع في زماننا هذا من يتكلم في أعراض العلماء ويتهمهم بالغباوة والجهل وعدم إدراك الأمور وعدم فقه الواقع كما يقولون وهذا أمر خطير.

فإنه إذا فقدت الثقة في علماء المسلمين فمن يقود الأمة الإسلامية ؟ ومن يُرْجَعُ إليه الفتاوى والأحكام ؟ وأعتقد أن هذا دس من أعدائنا وأنه انطلى على كثيرٍ من الذين لا يدركون الأمور أو الذين فيهم غيرة شديدة وحماس ولكنه على جهل فأخذوه مأخذ الغيرة ومأخذ الحرص على المسلمين لكن الأمر لا يكون هكذا.
أعز شيء في الأمة هم العلماء فلا يجوز أن نتنقصهم أونتهمهم بالجهل والغباوة وبالمداهنة أو نسميهم علماء السلاطين أو غير ذلك ؛ هذا خطر عظيم يا عباد الله ، فلنتق الله في هذا الأمر ولنحذر من ذلك ، فإنه كما يقول الشاعر :
علماء الدين يا ملح البلد -- ما يصلح الزاد إذا الملح فسد)
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " الجزء 2 ص 183 - 184

وقال سماحته :
(فالعلماء نجوم من حيث أن أهل الأرض يسيرون على هداهم ويقتدون بهم في حياتهم العملية ، كما يهتدي المسافرون بالنجوم التي في السماء ، وهم كالقمر من حيث أن ضوءهم عظيم يمتد إلى أقطار الدنيا).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " الجزء 2 ص 244 – 245

وقال سماحته :
(فالعلماء لهم مكانتهم ولهم قدرهم ولا يصلح الناس بدون وجود العلماء ، والمراد بالعلماء أهل العلم النافع والعمل الصالح الذي بعث الله به نبيه – صلى الله عليه وسلم – فإن الله بعث نبيه بالهدى ودين الحق : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ) [التوبة : 33] ، وهو العلم النافع والعمل الصالح فمن جمع الله له بين العلم النافع والعمل الصالح فقد حصل على ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم - .
العلماء لهم مكانتهم وقدرهم ، ولا يبخس ولا ينقص من قدرهم إلا زنديق منحرف يبغض الحق وأهله أو جاهل مركب يغتر بما يسمع من كلام أهل النفاق وأهل الريب).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 3 ص 123 – 124

وقال سماحته :
(وبعض المخدوعين أو المغرضين يقول هؤلاء علماء الحيض والنفاس للتهوين من شأنهم ، وهذا ما يريد الأعداء من المسلمين يرون أن يفصلوا العامة عن العلماء ويريدون أن يفصلوا شباب الأمة عن العلماء بحيث لا يتعلمون العلم من العلماء ، وعند ذلك تسنح لهم الفرصة لتقطيع جسم الأمة والسطو عليها ؛ لأنه لا يقف في وجوههم إلا العلماء فإذا حالوا بين العلماء وبين الشباب وبين عامة الناس وعزلوا بعضهم عن بعض حينئذٍ سنحت الفرصة لأعداء الله ورسوله للانقضاض على أمة المسلمين).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 3 ص 125

وقال سماحته :
(ومما يقتضي شرفهم أن الله سبحانه وتعالى أخبر أنهم هم الذين يعقلون الأمثال التي يضربها الله سبحانه وتعالى في كتابه ، قال تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) [العنكبوت : 43].
ومن شرف أهل العلم أن الله سبحانه وتعالى يستشهد بقولهم يوم القيامة حينما يبعث الناس ويقسم الذين كفروا ما لبثوا غير ساعة ، قال تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [الروم : 55 – 56]
فدل ذلك على شرفهم ومكانتهم عند الله).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 3 ص 302 – 303

وقال سماحته :
(وما دام العلماء موجودين في الأمة فإن الأمة بخير وإنما تضل الأمة إذا فُقِدَ العلماء ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جُهالاً ، فسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا ".
فما دام العلماء موجودين فإن الأمة بخير ولا يتمكن شياطين الإنس وشياطين الجن من إغواء الناس وإضلالهم ؛ لأنهم يبينون للناس طريق الخير وطريق الصواب ويحذرونهم من طريق الهلاك).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 3 ص 303

وقال سماحته :
(فالغيبة والنميمة حرام وكبيرتان من كبائر الذنوب بين عامة الناس فكيف بالعلماء ! غيبة العلماء والوقيعة في العلماء ، والكلام في العلماء بما يجرحهم أشد أنواع الغيبة وأشد أنواع النميمة ؛ لأنه يترتب عليه فصل الأمة عن علمائها ، ويترتب عليه عدم الثقة بأهل العلم وإذا حصل هذا حصل الشر العظيم).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 3 ص 310

وقال سماحته :
(فالواجب أن نحب أهل العلم وأهل الخير ونحب أهل الطاعة وأهل الإيمان ولو كانوا من العوام فالمؤمن له حق وله كرامة وله حرمة ، فكيف بالعالم ؟ إن حرمته أعظم وله مكانة أكبر عند الله وعند أهل الإيمان (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة : 11].
ذكر أهل الإيمان عموماً وذكر أهل العلم خصوصاً (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا منكم) [المجادلة : 11].
هذا عام في جميع المؤمنين لهم رفعة عند الله عز وجل ولهم حرمة.
وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة : 11] ، أعلى من المؤمنين لهم زيادة من الإيمان وزيادة العلم ، فقدرهم أكبر عند الله سبحانه وتعالى.
فالواجب علينا أن نعرف قدر علمائنا وأن نحترمهم ، وأن لا نقبل الوشاية فيهم .
لا نقول أن العلماء معصومون لا يقع منهم أخطاء ، بل يقع منهم خطأ ، ولكن فضائلهم وما عندهم من الخير يغطي ما يقع منهم من الأخطاء ، ولسنا مكلفين بتتبع عورات المسلمين وإفشائها والتحدث عنها).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 3 ص 311 – 312

وقال سماحته :
(وما رأينا أحداً وقع في أعراض العلماء والمؤمنين إلا ويفضحه الله سبحانه وتعالى ويلقي عليه الذلة والمهانة والبغض في قلوب المؤمنين ، يبغضونه ولا يقبلونه أبداً هذا من الله سبحانه وتعالى).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 3 ص 313

[6] وقال سماحة شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله – في شرحه على كتاب " عقيدة السلف أصحاب الحديث " ص 309 – 310 :
(فإذا رأيت إنساناً يطعن في أهل السنة ؛ فهذا دليل على أنه مبتدع ، وقد يكون زنديقاً ؛ إذا رأيت إنساناً يطعن في أهل السنة وفي أهل الحديث ؛ فما يطعن فيهم إلا وهو مخالف لهم محتقر لما عندهم ، لا شك في ذلك.
وإلا فما الذي يدفعه إلى الطعن في السنة وأهلها ؟! ما يدفعه إلا أنه ضال وينطوي على زيغ وخبث وشر ! فهذا من علاماتهم ؛ هذا من علامات أهل الشر وعلامات أهل البدع ، ولو قال : إني من أهل السنة فلا تصدقه ؛ لأنه كذاب !
وكثير من هؤلاء المزيفين الكذابين ؛ يقول لك أنا سلفي وهو كذاب ، ما قال هذا إلا مكيدة ؛ مثل المنافق يقول : أنا مؤمن ، أنا مسلم ؛ يقول : أنا مسلم ! المنافق ويتصدق ويفعل كذا ، وهو يحارب الإسلام ويبغض أهله.
فكثير من الناس – الآن – من يقول : أنا سلفي ، ولا تراه إلا يبغض أهل الحديث ويطعن فيهم !!
أهل الحديث موجودون – والحمد لله - ؛ موجودون في مكة ، موجودون في المدينة ، موجودون في اليمن ، في الهند ، في باكستان ، في كل مكان ، وهو لا صلة له بأهل الحديث إلا الحرب ! يوالي أهل البدع ظاهراً وباطناً ويدافع عنهم ويستميت في الدفاع عنهم !
فهؤلاء لا شك أنهم مبتدعة ولو سموا أنفسهم ما سموا ، ووصفوا أنفسهم ما وصفوا ؛ فهذه من العلامات التي تبين حالهم).

من هم العلماء الذين يجب الحذر والتحذير منهم ؟

قال سماحة العلامة صالح الفوزان – حفظه الله - :
(أما علماء الضلال خطر على الأمة وهم من أتباع الشيطان يزينون للناس الضلال والانحراف والبدع والخرافات والانصراف عن الدين الصحيح فيضلون الناس والعياذ بالله ، هؤلاء حذرنا الله سبحانه وتعالى منهم ، قال تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الجمعة : 5]
وقال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ) [الأعراف : 175 – 177].
فهؤلاء علماء يجب علينا الحذر منهم ومن دسائسهم ومن شبهاتهم ومن تحريفهم لكلام الله وكلام رسوله).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 3 ص 306

كيفية التعامل مع أخطاء وزلات العلماء والمشايخ والدعاة إلى الله :

قال سماحة الإمام العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
بعض الناس إذا زل بعض العلماء مثلا ووقعوا في أخطاء أخذ هؤلاء يكتبون في المجلات والصحف أخطاءهم بحجة أنهم يبينون الحق وهذا من الغلط.
والحقيقة أن هذا الفعل فيه مضرة من ثلاثة وجوه :
الوجه الأول : أنها مضرة على الكاتب؛ لأن الذين يثقون بالشخص الآخر يرون أن هذا مخطئ ويقل وزنه عندهم.
الوجه الثاني : أن فيه أيضًا إضعافًا للثاني المردود عليه، ومعلوم أنه إذا ضعفت منازل العلماء في الأمة ضاعت الأمة ؛ لأن العلماء هم القادة، فإذا ضعفت منازلهم عند العامة ضاعوا وصاروا كالإبل التي ليس لها راعٍ ،أو كالغنم التي ليس لها راعٍ.
الوجه الثالث : أن فيها إضعافا للشرع ؛ لأن العالم الذي رد أو المردود عليه إذا قال قولاً غير هذه المسألة شك الناس فيه وقالوا : لعل هذه من خطأ فلان؛ فصار فيه مضرة من ثلاثة وجوه.
والواجب على العلماء فيما بينهم إذا أخطأ أحدهم أن يتصلوا به فيناقشوه، فإن كان الصواب معه تبعوه، وإن كان الصواب معهم يتبعهم، ثم لو فرض أنه أصر على ما هو عليه وله وجه – لأن المسألة مسألة اجتهاد - فلا أرى أن يرد عليه أبداً ؛ لأن الرد والأخذ والمناقشة في مسائل الاجتهاد بين العامة - لا شك - أنه ضرر، خصوصا في هذا الوقت، حيث يوجد أناس يدعون إلى التقليل من شأن العلماء، والكلام فيهم في المجالس؛ لأنهم فقدوا الزعامة التي يريدونها فصاروا مثل الزعماء الآخرين الذين عارضوا دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام لما فقدوا الزعامة التي يريدونها ، ليس لهم سبيل إلى ما يريدون إلا أن يضعفوا الجانب الآخر.
وهذا على خطر عظيم جداً.
فأنا أرى أنه إذا وجد خطأ من أي عالم- والإنسان غير معصوم ، فقد يخطئ ولا يتبين له خطأ إلا بالمناقشة - أن يتصل به ويبحث معه ، فإن تبين الحق وجب على من تبين له الحق أن يتبعه , وإن لم يتبين وصارت المسألة فيها مساغ للاجتهاد فالواجب عدم الرد عليه.
من كتاب : " تفسير سورة آل عمرن " ج 2 ص ٣٧٤ - ٣٧٥

وقال سماحته :
(والنصيحة للعلماء تكون بأمورٍ منها :
الأول : محبتهم، لأنك إذا لم تحب أحداً فإنك لن تتأسّى به.
الثاني : معونتهم ومساعدتهم في بيان الحق، فتنشر كتبهم بالوسائل الإعلامية المتنوعة التي تختلف في كل زمان ومكان.
الثالث : الذبّ عن أعراضهم، بمعنى أن لا تقرّ أحداً على غيبتهم والوقوع في أعراضهم ، وإذا نسب إلى أحدٍ من العلماء الربانيين شيء يُستنكر فعليك أن تتخذ هذه المراحل :
المرحلة الأولى: أن تتثبت من نسبتهِ إليه، فكم من أشياء نسبت إلى عالم وهي كذب، فلابد أن تتأكد، فإذا تأكدت من نسبة الكلام إليه فانتقل إلى المرحلة الثانية وهي :
أن تتأمل هل هذا محل انتقاد أم لا ؟ لأنه قد يبدو للإنسان في أول وهلة أن القول منتقد، وعند التأمل يرى أنه حق، فلابد أن تتأمل حتى تنظر هل هو منتقد أو لا؟
المرحلة الثالثة : إذا تبيّن أنه ليس بمنتقد فالواجب أن تذبّ عنه وتنشر هذا بين الناس، وتبين أن ما قاله هذا العالم فهو حق وإن خالف ما عليه الناس.
المرحلة الرابعة: إذا تبين لك حسب رأيك أن ما نسب إلى العالم وصحت نسبته إليه ليس بحق، فالواجب أن تتصل بهذا العالم بأدب ووقار،وتقول: سمعت عنك كذا وكذا، وأحب أن تبين لي وجه ذلك، لأنك أعلم مني، فإذا بيّن لك هذا فلك حق المناقشة،لكن بأدب واحترام وتعظيم له بحسب مكانته وبحسب ما يليق به.
أما ما يفعله بعض الجهلة الذين يأتون إلى العالم الذي رأى بخلاف ما يرون، يأتون إليه بعنف وشدة ، وربما نفضوا أيديهم في وجه العالم،وقالوا له:ما هذا القول الذي أحدثته؟ ما هذا القول المنكر؟ وأنت لا تخاف الله ، وبعد التأمل تجد العالم موافقاً للحديث وهم المخالفون له، وغالب ما يؤتى هؤلاء من إعجابهم بأنفسهم، وظنهم أنهم هم أهل السنة وأنهم هم الذين على طريق السلف، وهم أبعد ما يكون عن طريق السلف وعن السنة.
فالإنسان إذا أعجب بنفسه - نسأل الله السلامة - رأى غيره كالذر، فاحذر هذا.
الأمر الرابع من النصيحة للعلماء: أنك إذا رأيت منهم خطأ فلا تسكت وتقول: هذا أعلم مني، بل تناقش بأدب واحترام، لأنه أحياناً يخفى على الإنسان الحكم فينبهه من هو دونه في العلم فيتنبه وهذا من النصيحة للعلماء.
الخامس : أن تدلهم على خير ما يكون في دعوة الناس، فإذا رأيت هذا العالم محباً لنشر العلم ويتكلم في كل مكان وترى الناس يتثاقلونه ويقولون هذا أثقل علينا، كلما جلسنا قام يحدّث ، فمن النصيحة لهذا العالم أن تشير عليه أن لا يتكلم إلا فيما يناسب المقام، لا تقل : إني إذا قلت ذلك منعته من نشر العلم، بل هذا في الواقع من حفظ العلم، لأن الناس إذا ملّوا سئموا من العالم ومن حديثه.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة، يعني لا يكثر الوعظ عليهم مع أن كلامه صلى الله عليه وسلم محبوب إلى النفوس لكن خشية السآمة، والإنسان يجب أن يكون مع الناس كالراعي يختار ما هو أنفع وأجدى).
من كتاب : " شرح متن الأربعين النووية "

وقال سماحة العلامة صالح الفوزان – حفظه الله –
(نعم أنا لا أقول إن العلماء معصومون وأنهم لا يخطئون ؛ العصمة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ والعلماء يخطئون ولكن ليس العلاج أننا نشهر بهم وأننا نتخذهم أغراضاً في المجالس في المجالس ؛ أو ربما على بعض المنابر أو بعض الدروس لا يجوز هذا أبداً ؛ حتى لو حصلت من عالم زلة أو خطأ فإنَّ العلاج يكون بغير هذه الطريقة.
قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النور : 19].
نسأل الله العافية والسلامة ، فالواجب أن نتنبه لهذا الأمر وأن يحترم بعضنا بعضاً لا سيما العلماء ، فإنَّ العلماء ورثة الأنبياء ولو كان فيهم ما فيم).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 2 ص 184

وقال سماحة شيخنا العلامة المحدث ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله - :
و أما السلف الذين عرفوا بالإخلاص و الصدق في الدين ، حتى لو أخطئوا نعتبرهم مأجورين في خطئهم.
(( من اجتهد فأصاب فله أجران ، و من اجتهد فأخطأ فله أجر )) .
فإذا عُرف الإنسان بالتقوى و الصلاح ، و الصدق في البحث عن الحق ثم أخطأ هذا مأجور، أما أهل البدع فلا ، أهل البدع يتبعون أهواءهم ؛ و لهذا ترى أنّ صاحب الهوى ما يرجع.
أما هذا فبنفسه يرجع ، و إذا قيل له أخطأت رجع ؛ لهذا الشافعي يرجع بنفسه ، و أحمد ينتقل من قول إلى قول يبحث عن الحق ، و أخذا بالأدلة ، ما يلعب بنفسه ، يرجع ، قد يخطئ و يراجع فيرجع).
من كتاب : " شرح أصول السنة للإمام أحمد " ص 87

الفرق بين العلماء والقراء :


قال سماحة العلامة صالح الفوزان – حفظه الله – :
إن وجود المثقفين والخطباء المتحمسين لا يعوض الأمة عن علمائها وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه في آخر الزمان يكثر القراء ويقل الفقهاء "
وهؤلاء قُرَّاء وليسوا فقهاء ، فإطلاق لفظ العلماء على هؤلاء إطلاق في غير محله والعبرة بالحقائق لا بالألقاب ، فكثير من يجيد الكلام ويستميل العوام وهو غير فقيه.
والذي يكشف هؤلاء أنه عندما تحصل نازلة يحتاج إلى معرفة الحكم الشرعي فيها فإن الخطباء والمتحمسين تتقاصر أفهامهم وعند ذلك يأتي دور العلماء.
فلننتبه لذلك ونعطي لعلمائنا حقهم ونعرف قدرهم وفضلهم وننزل كلاً منزلته اللائقة به).
من كتاب : " محاضرات في العقيدة والدعوة " ج 2 ص 186 – 187

ذكر أسماء بعض رؤوس أهل البدع والضلال والانحراف ممن اشتد طعنهم ووقيعتهم في علماء أهل السنة والجماعة في هذا العصر :

لقد بُلِينا في هذا العصر بالعشرات بل بالمئات من المبتدعة والضلال والمنحرفين الزائغين ممن أطلق للسانه العنان في الطعن والوقيعة في علماء أهل السنة والجماعة فاحتقرهم وانتقصهم وسخر منهم وزهد فيهم ورماهم بالفواقر والعظائم ولم يعرف لهم مكانتهم ولم ينزلهم منازلهم .
ومن أشد هؤلاء المنحرفين الطاعنين في أهل العلم :
محمد بن سرور بن نائف زين العابدين ومحمد المسعري وعبد الرحمن عبد الخالق وعبد المجيد الريمي ومحمود الحداد وعبد اللطيف با شميل وفريد المالكي وفالح الحربي وفوزي البحريني وأبي الحسن المأربي وعبد الله صعتر وعماد فراج ويحيى بن علي الحجوري وعلي بن حسن الحلبي وعبد الحميد العربي وأحمد الشيباني وصالح البكري ، وغيرهم من المنحرفين الضلال وهم كُثُر لا كثرهم الله.

وانظروا إلى حال هؤلاء المخذولين أين صار ؟ صاروا منبوذين مُهَانين كالبعير الأجرب – والعياذ بالله – وذلك بسبب طعنهم ووقيعتهم في علماء أهل السنة والجماعة فقد عادوا أولياء الله الصالحين من العلماء الربانيين والدعاة المصلحين فأسقطهم الله وصاروا من المخذولين.

وكما جاء من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – في صحيح الإمام البخاري – رحمه الله – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - إن الله تعالى قال : " من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب "

قال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :
(واعلم أنَّ جميعَ المعاصي محاربة لله - عز وجل - ، قال الحسن : ابنَ آدم هل لك بمحاربة الله من طاقةٍ ؟ فإنَّ مَنْ عصى الله ، فقد حاربه ، لكن كلَّما كانَ الذَّنبُ أقبحَ ، كانت المحاربة لله أشد ولهذا سمّى الله تعالى أَكَلةَ الرِّبا ، وقُطَّاع الطَّريق محاربينَ لله تعالى ورسوله ؛ لعظيم ظلمهم لعباده ، وسعيهم بالفساد في بلاده ، وكذلك معاداةُ أوليائه ، فإنَّه تعالى يتولَّى نُصرةَ أوليائه ، ويُحبهم ويؤيِّدُهم ، فمن عاداهم ، فقد عادى الله وحاربه ، وفي الحديث عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( اللهَ اللهَ في أصحابي ، لا تتَّخذوهُم غرضاً ، فمن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله يُوشِكُ أن يأخُذَهُ).
من كتاب " جامع العلوم والحكم "

وقال سماحة الشيخ الإمام العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
(المعاداة ضد الموالاة ، و الولي ضد العدو و أولياؤه سبحانه و تعالى هم المؤمنون المتقون و دليله قوله و تعالى [ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ *الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ][يونس62-63]
و قوله - آذنته - يعني : أعلمته أي : إني أعلنت الحرب ، فيكون من عادى وليا من أولياء الله فقد آذن الله تعالى بالحرب و صار حربا لله).
من كتاب : " شرح الأربعين النووية "

وقال سماحته كما في شرحه على كتاب : " رياض الصالحين " :
(فالذي يعادي أولياء الله يقول الله - عز وجل- : ( فقد آذنته بالحرب ) ، يعني أعلنت عليه الحرب.
فالذي يعادي أولياء الله محارب لله ـ عز وجل ـ نسأل الله العافية ، ومن حارب الله فهو مهزوم مخذول لا تقوم له قائمة).

والكتابة في هذا الموضوع طويلة جداً لو استرسلنا ، فقد كتب فيها أهل العلم المؤلفات الضخمة ، وإنما أنا ناقل لكلامهم فقط فيها ، ولكني آثرت الاختصار الغير مخل ولا ممل وأعلم أني ما وفيت الموضوع حقه ، ولكن هذا جهد المقل.
والحمد لله على – إعانته توفيقه وامتنانه –
وبعد شكر الله – عز وجل – أشكر زوجتي الفاضلة " أم قتادة " حفظها الله وبارك فيها على مساعدتي في إتمام هذا البحث المختصر.

وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً يوم الدين.

والحمد لله رب العالمين.

كتبه الفقير إلى عفو ربه الراجي مغفرته :
أبو قتادة حسام بن أحمد العدني
في دار الحديث السلفية العلمية بالفيوش
الأربعاء 4 جمادى الأولى 1435 ه

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لـ © المدونة السلفية القحطانية